responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 7  صفحه : 38
فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَحْوَجَ إِلَى التَّحْذِيرِ وَالْبَيَانِ، لِكَثْرَةِ عَدَدِ الْمُسْلِمِينَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَكَثْرَةِ مَنْ فِيهِمْ مِنَ الْأَعْرَابِ، فَذَلِكَ يُبَيِّنُ مَعْنَى قَوْلِهِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ لِإِشْعَارِ قَوْلِهِ تَنالُهُ بِأَنَّ ذَلِكَ فِي مُكْنَتِهِمْ وَبِسُهُولَةِ الْأَخْذِ.
وَالْخِطَابُ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَهُوَ مُجْمَلٌ بَيَّنَهُ قَوْلُهُ عَقِبَهُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ [الْمَائِدَة: 95] . قَالَ أَبُو بَكْرٍ بْنُ الْعَرَبِيِّ: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُخَاطَبِ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمُ الْمُحِلُّونَ، قَالَهُ مَالِكٌ، الثَّانِي: أَنَّهُمُ الْمُحْرِمُونَ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ اه. وَقَالَ فِي «الْقَبَسِ» : تَوَهَّمَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَةِ تَحْرِيمُ الصَّيْدِ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ، وَهَذِهِ عُضْلَةٌ، إِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ الِابْتِلَاءُ فِي حَالَتَيِ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ اه.
وَمَرْجِعُ هَذَا الِاخْتِلَافِ النَّظَرُ فِي شُمُولِ الْآيَةِ لِحُكْمِ مَا يَصْطَادُهُ الْحَلَالُ مِنْ صَيْدِ الْحَرَمِ وَعَدَمِ شُمُولِهَا بِحَيْثُ لَا يَحْتَاجُ فِي إِثْبَاتِ حُكْمِهِ إِلَى دَلِيلٍ آخَرَ أَوْ يَحْتَاجُ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي «الْأَحْكَامِ» : «إِنَّ قَوْلَهُ لَيَبْلُوَنَّكُمُ الَّذِي يَقْتَضِي أَنَّ التَّكْلِيفَ يَتَحَقَّقُ فِي الْمُحِلِّ بِمَا شُرِطَ لَهُ مِنْ أُمُورِ الصَّيْدِ وَمَا شُرِطَ لَهُ مِنْ كَيْفِيَّةِ الِاصْطِيَادِ. وَالتَّكْلِيفُ كُلُّهُ ابْتِلَاءٌ وَإِنْ تَفَاضَلَ فِي الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ وَتَبَايَنَ فِي الضَّعْفِ وَالشِّدَّةِ» . يُرِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ: لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ لَا يُرَادُ بِهِ الْإِصَابَةُ بِبَلْوَى، أَيْ مُصِيبَةِ قَتْلِ الصَّيْدِ الْمُحَرَّمِ بَلْ يُرَادُ لَيُكَلِّفَنَّكُمُ اللَّهُ بِبَعْضِ أَحْوَالِ الصَّيْدِ. وَهَذَا يَنْظُرُ إِلَى أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: وَأَنْتُمْ حُرُمٌ [الْمَائِدَة: 95] شَامِلٌ لِحَالَةِ الْإِحْرَامِ وَالْحُلُولِ فِي الْحَرَمِ.
وَقَوْلُهُ: لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ هُوَ ابْتِلَاءُ تَكْلِيفٍ وَنَهْيٍ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ تَعَلُّقُهُ بِأَمْرٍ مِمَّا يَفْعَلُ، فَهُوَ لَيْسَ كَالِابْتِلَاءِ فِي قَوْلِهِ: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ [الْبَقَرَة: 155] وَإِنَّمَا أَخْبَرَهُمْ بِهَذَا عَلَى وَجْهِ التَّحْذِيرِ. فَالْخَبَرُ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَاهُ وَلَازِمِ مَعْنَاهُ، وَهُوَ التَّحْذِيرُ. وَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْخِطَابُ وُجِّهَ إِلَيْهِمْ فِي حِينِ تَرَدُّدِهِمْ بَيْنَ إِمْسَاكِ الصَّيْدِ وَأَكْلِهِ، وَبَيْنَ مُرَاعَاةِ حُرْمَةِ الْإِحْرَامِ، إِذْ كَانُوا مُحْرِمِينَ بِعُمْرَةٍ فِي الْحُدَيْبِيَةِ وَقَدْ تَرَدَّدُوا فِيمَا يَفْعَلُونَ، أَيْ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 7  صفحه : 38
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست