responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 7  صفحه : 35
طَعِمُوا مِنَ التَّعْبِيرِ عَنِ الْمُسْتَقْبَلِ بِلَفْظِ الْمَاضِي بِقَرِينَةِ كَلِمَةِ (إِذَا) ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ [الرّوم:
25] .
وَيُعَكِّرُ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ أَنَّ الَّذِينَ حَرَّمُوا الطَّيِّبَاتِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَمْ يَنْحَصِرْ تَحْرِيمُهُمْ فِي الْمَطْعُومِ وَالشَّرَابِ بَلْ يَشْمَلُ اللِّبَاسَ وَالنِّسَاءَ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْكَلَامَ جَرَى عَلَى مُرَاعَاةِ الْغَالِبِ فِي التَّحْرِيمِ.
وَقَالَ الْفَخْرُ: زَعَمَ بَعْضُ الْجُهَّالِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا جَعَلَ الْخمر محرّمة عِنْد مَا تَكُونُ مُوقِعَةً لِلْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ وَصَادَّةً عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ بَيَّنَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ طَعِمَهَا إِذَا لَمْ يَحْصُلُ مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ تِلْكَ الْمَفَاسِدِ، بَلْ حَصَلَ مَعَهُ الطَّاعَةُ وَالتَّقْوَى وَالْإِحْسَانُ إِلَى الْخَلْقِ، وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى أَحْوَالِ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ قَبْلَ نُزُولِ آيَةِ التَّحْرِيمِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَقَالَ مَا كَانَ جُنَاحٌ عَلَى الَّذِينَ طَعِمُوا، كَمَا ذَكَرَ فِي آيَةِ تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ، فَقَالَ وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ [الْبَقَرَة: 143] وَلَا شَكَّ أَنَّ (إِذَا) لِلْمُسْتَقْبَلِ لَا لِلْمَاضِي.
قَالَ الْفَخْرُ: وَهَذَا الْقَوْلُ مَرْدُودٌ بِإِجْمَاعِ كُلِّ الْأُمَّةِ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ (إِذَا) لِلْمُسْتَقْبَلِ، فَجَوَابُهُ أَنَّ الْحَلَّ لِلْمُسْتَقْبَلِ عَنْ وَقْتِ نُزُولِ الْآيَةِ فِي حَقِّ الْغَائِبِينَ.
وَالتَّقْوَى امْتِثَالُ الْمَأْمُورَاتِ وَاجْتِنَابُ الْمَنْهِيَّاتِ، وَلِذَلِكَ فَعَطْفُ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ عَلَى اتَّقَوْا من عطل الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ، لِلِاهْتِمَامِ بِهِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ، وَلِأَنَّ اجْتِنَابَ الْمَنْهِيَّاتِ أَسْبَقُ تَبَادُرًا إِلَى الْأَفْهَامِ فِي لَفْظِ التَّقْوَى لِأَنَّهَا مُشْتَقَّةٌ مِنَ التَّوَقِّي وَالْكَفِّ.
وَأَمَّا عَطْفُ وَآمَنُوا عَلَى اتَّقَوْا فَهُوَ اعْتِرَاضٌ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ الْإِيمَانَ هُوَ أَصْلُ التَّقْوَى، كَقَوْلِهِ تَعَالَى فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعامٌ- إِلَى قَوْلِهِ- ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا.
وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا الظَّرْفِ الَّذِي هُوَ كَالشَّرْطِ مُجَرَّدُ التَّنْوِيهِ بِالتَّقْوَى وَالْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ أَنَّ نَفْيَ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 7  صفحه : 35
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست