responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 7  صفحه : 19
فَشَرَعَ اللَّهُ الْكَفَّارَةَ. وَتَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي نَظِيرِ صَدْرِ هَذِهِ الْآيَةِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ. وَتَقَدَّمَ الِاخْتِلَافُ فِي مَعْنَى لَغْوِ الْيَمِينِ. وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مَا فِي سَبَبِ نُزُولِ آيَةِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ [الْمَائِدَة: 87] ، وَلَا فِي جَعْلِ مِثْلِ مَا عَزَمَ عَلَيْهِ الَّذِينَ نَزَلَتْ تِلْكَ الْآيَةُ فِي شَأْنِهِمْ مِنْ لَغْوِ الْيَمِينِ. فَتَأْوِيلُ مَا رَوَاهُ الطَّبَرِيُّ وَالْوَاحِدِيُّ فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ حَادِثَةَ أُولَئِكَ الَّذِينَ حَرَّمُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بَعْضَ الطَّيِّبَاتِ أُلْحِقَتْ بِحُكْمِ لَغْوِ الْيَمِينِ فِي الرُّخْصَةِ لَهُمْ فِي التَّحَلُّلِ مِنْ أَيْمَانِهِمْ.
وَقَوْلُهُ: بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ، أَيْ مَا قَصَدْتُمْ بِهِ الْحَلِفَ. وَهُوَ يُبَيِّنُ مُجْمَلَ قَوْلِهِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [225] بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ عَقَّدْتُمُ- بِتَشْدِيدِ الْقَافِ-. وَقَرَأَهُ حَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ، وَخَلَفٍ- بِتَخْفِيفِ الْقَافِ-. وَقَرَأَهُ ابْنُ ذَكْوَانَ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ عَاقَدْتُمُ بِأَلِفٍ بَعْدِ الْعَيْنِ مِنْ بَابِ الْمُفَاعَلَةِ. فَأَمَّا عَقَّدْتُمُ بِالتَّشْدِيدِ فَيُفِيدُ الْمُبَالَغَةَ فِي فِعْلِ عَقَدَ، وَكَذَلِكَ قِرَاءَةُ عَاقَدْتُمُ لِأَنَّ الْمُفَاعَلَةَ فِيهِ لَيْسَتْ عَلَى بَابِهَا، فَالْمَقْصُودُ مِنْهَا الْمُبَالَغَةُ، مِثْلُ عَافَاهُ اللَّهُ. وَأَمَّا قِرَاءَةُ التَّخْفِيفِ فَلِأَنَّ مَادَّةَ الْعَقْدِ كَافِيَةٌ فِي إِفَادَةِ التَّثْبِيتِ. وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْمُؤَاخَذَةَ تَكُونُ عَلَى نِيَّةِ التَّوَثُّقِ بِالْيَمِينِ، فَالتَّعْبِيرُ عَنِ التَّوَثُّقِ بِثَلَاثَةِ أَفْعَالٍ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: عَقَدَ الْمُخَفَّفُ، وَعَقَّدَ الْمُشَدَّدُ، وَعَاقَدَ.
وَقَوْلُهُ: ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِشَارَةٌ إِلَى الْمَذْكُورِ، زِيَادَةً فِي الْإِيضَاحِ. وَالْكَفَّارَةُ مُبَالَغَةٌ فِي كَفَرَ بِمَعْنَى سَتَرَ وَأَزَالَ. وَأَصْلُ الْكَفْرِ- بِفَتْحِ الْكَافِ- السَّتْرُ. وَقَدْ جَاءَتْ فِيهَا دَلَالَتَانِ عَلَى الْمُبَالَغَةِ هُمَا التَّضْعِيفُ وَالتَّاءُ الزَّائِدَةُ، كَتَاءِ نَسَّابَةٍ وَعَلَّامَةٍ. وَالْعَرَبُ يَجْمَعُونَ
بَيْنَهُمَا غَالِبًا.
وَقَوْلُهُ: إِذا حَلَفْتُمْ أَيْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَأَرَدْتُمُ التَّحَلُّلَ مِمَّا حَلَفْتُمْ عَلَيْهِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 7  صفحه : 19
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست