responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 7  صفحه : 110
وَقَدِ اسْتَقْرَيْتُ مَا بَلَغْتُ إِلَيْهِ مِنْ مَوَارِدِ اسْتِعْمَالِهِ فَتَحَصَّلَ عِنْدِي أَنَّ الْعَامِلَ الْأَصِيلَ مِنْ فِعْلٍ وَشَبَهِهِ لَا يَتَكَرَّرُ مَعَ الْبَدَلِ، وَأَمَّا الْعَامِلُ التَّكْمِيلِيُّ لِعَامِلِ غَيْرِهِ وَذَلِكَ حَرْفُ الْجَرِّ خَاصَّةً فَهُوَ الَّذِي وَرَدَ تَكْرِيرُهُ فِي آيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ [75] ، وَآيَةِ سُورَةِ الزُّخْرُفِ، وَقَوْلِهِ: وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ [الْأَنْعَام: 99] . ذَلِكَ لِأَنَّ حَرْفَ الْجَرِّ مُكَمِّلٌ لِعَمَلِ الْفِعْلِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ هُوَ بِهِ لِأَنَّهُ يُعَدِّي الْفِعْلَ الْقَاصِرَ إِلَى مَفْعُولِهِ فِي الْمَعْنَى الَّذِي لَا يَتَعَدَّى إِلَيْهِ بِمَعْنَى مَصْدَرِهِ، فَحَرْفُ الْجَرِّ لَيْسَ بِعَامِلٍ قَوِيٍّ وَلَكِنَّهُ مُكَمِّلٌ لِلْعَامِلِ الْمُتَعَلِّقِ هُوَ بِهِ.
ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ نَتَطَلَّبَ الدَّاعِيَ إِلَى إِظْهَارِ حَرْفِ الْجَرِّ فِي الْبَدَلِ فِي مَوَاقِعِ ظُهُورِهِ.
وَقَدْ جَعَلَ ابْنُ يَعِيشَ فِي «شَرْحِ الْمُفَصَّلِ» ذَلِكَ لِلتَّأْكِيدِ قَالَ: «لِأَنَّ الْحَرْفَ قَدْ يَتَكَرَّرُ لِقَصْدِ التَّأْكِيدِ» . وَهَذَا غَيْرُ مُقْنِعٍ لَنَا لِأَنَّ التَّأْكِيدَ أَيْضًا لَا بُدَّ مِنْ دَاعٍ يَدْعُو إِلَيْهِ.
فَمَا أَظْهَرَ فِيهِ حَرْفَ الْجَرِّ مِنْ هَذِهِ الْآيَاتِ كَانَ مُقْتَضَى إِظْهَارِهِ إِمَّا قَصْدُ تَصْوِيرِ الْحَالَةِ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْآيَاتِ، وَإِمَّا دَفْعُ اللَّبْسِ، وَذَلِكَ فِي خُصُوصِ آيَةِ الْأَعْرَافِ لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ السَّامِعُ أَنَّ مَنْ يَتَوَهَّمُ أَنَّ «مَنْ آمَنَ» مِنَ الْمَقُولِ وَأَنَّ «مَنْ» اسْتِفْهَامٌ فَيَظُنُّ أَنَّهُمْ يَسْأَلُونَ عَنْ تَعْيِينِ مَنْ آمَنَ مِنَ الْقَوْمِ، وَمَعْنَى التَّأْكِيدِ حَاصِلٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِأَنَّهُ مُلَازِمٌ لِإِعَادَةِ الْكَلِمَةِ. وَأَمَّا مَا لَيْسَ بِعَامِلٍ فَهُوَ الِاسْتِفْهَامُ وَقَدِ الْتَزَمَ ظُهُورَ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ فِي الْبَدَلِ مِنِ اسْمِ اسْتِفْهَامٍ، نَحْوَ: أَيْنَ تَنْزِلُ أَفِي الدَّارِ أَمْ فِي الْحَائِطِ، وَمَنْ ذَا أَسَعِيدٌ أَمْ عَلِيٌّ.
وَهَذَا الْعِيدُ الَّذِي ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ غَيْرُ مَعْرُوفٍ عِنْدَ النَّصَارَى وَلَكِنَّهُمْ ذَكَرُوا أَنَّ عِيسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- أَكَلَ مَعَ الْحَوَارِيِّينَ عَلَى مَائِدَةِ لَيْلَةِ عِيدِ الْفِصْحِ، وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُ صُلِبَ مِنْ صَبَاحِهَا. فَلَعَلَّ مَعْنَى كَوْنِهَا عِيدًا أَنَّهَا صُيِّرَتْ يَوْمَ الْفِصْحِ عِيدًا فِي الْمَسِيحِيَّةِ كَمَا كَانَ عِيدًا فِي الْيَهُودِيَّةِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ قَدْ صَارَ عِيدًا بِاخْتِلَافِ الِاعْتِبَارِ وَإِنْ كَانَ الْيَوْمُ وَاحِدًا لِأَنَّ الْمَسِيحِيِّينَ وَفَّقُوا لِأَعْيَادِ الْيَهُودِ مُنَاسَبَاتٍ أُخْرَى لَائِقَةً بِالْمَسِيحِيَّةِ إِعْفَاءً عَلَى آثَارِ الْيَهُودِيَّةِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 7  صفحه : 110
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست