responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 7  صفحه : 102
عَادَ إِلَى الْهَيْئَةِ. وَاخْتَارَ ابْنُ عَطِيَّةَ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ هُنَا عَائِدًا إِلَى مَا تَقْتَضِيهِ الْآيَةُ ضَرُورَةً. أَيْ بِدَلَالَةِ الِاقْتِضَاءِ. وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ: وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ يَقْتَضِي صُوَرًا أَوْ أَجْسَامًا أَوْ أَشْكَالًا، وَكَذَلِكَ الضَّمِيرُ الْمُذَكَّرُ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ [49] يَعُودُ عَلَى الْمَخْلُوقِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ أَخْلُقُ. وَجَعَلَهُ فِي «الْكَشَّافِ» عَائِدًا إِلَى الْكَافِ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهَا صِفَةً لِلَّفْظِ هَيْئَةِ الْمَحْذُوفِ الدَّالِّ عَلَيْهِ لَفْظُ هَيْئَةِ الْمَدْخُولِ لِلْكَافِ وكلّ ذَلِك نَاظر إِلَى أَنَّ الْهَيْئَةَ لَا تَصْلُحُ لِأَنْ تكون متعلّق فَتَنْفُخُ، إِذِ الْهَيْئَةُ مَعْنًى لَا يُنْفَخُ فِيهَا وَلَا تَكُونُ طَائِرًا.
وَقَرَأَ نَافِعٌ وَحْدَهُ فَتَكُونُ طَائِرًا بِالْإِفْرَادِ كَمَا قَرَأَ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ. وَتَوْجِيهُهَا هُنَا أَنَّ الضَّمِيرَ جَرَى عَلَى التَّأْنِيثِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ وَإِذْ تَخْلُقُ، أَيْ تُقَدِّرُ هَيْئَةً كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَتَكُونُ الْهَيْئَةُ طَائِرًا، أَيْ كُلُّ هَيْئَةٍ تُقَدِّرُهَا تَكُونُ وَاحِدًا مِنَ الطَّيْرِ.
وَقَرَأَ الْبَقِيَّةُ «طَيْرًا» - بِصِيغَةِ اسْمِ الْجَمْعِ- بِاعْتِبَارِ تَعَدُّدِ مَا يُقَدِّرُهُ مِنْ هَيْئَاتٍ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ.
وَقَالَ هُنَا وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى وَلَمْ يَقُلْ: وَتُحْيِ الْمَوْتى، كَمَا قَالَ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ [49] ، أَيْ تُخْرِجُهُمْ مِنْ قُبُورِهِمْ أَحْيَاءً، فَأُطْلِقَ الْإِخْرَاجُ وَأُرِيدَ بِهِ لَازِمُهُ وَهُوَ الْإِحْيَاءُ، لِأَنَّ الْمَيِّتَ وُضِعَ فِي الْقَبْرِ لِأَجْلِ كَوْنِهِ مَيِّتًا فَكَانَ إِخْرَاجُهُ مِنَ الْقَبْر ملزوما الانعكاس السَّبَبِ الَّذِي لِأَجْلِهِ وُضِعَ فِي الْقَبْرِ. وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ الْإِحْيَاءَ خُرُوجًا فِي قَوْلِهِ:
وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ الْخُرُوجُ [ق: 11] وَقَالَ: إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ
مُخْرَجُونَ [1] [الْمُؤْمِنُونَ: 35] .
وَقَوْلُهُ: وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرائِيلَ عَنْكَ عُطِفَ عَلَى إِذْ أَيَّدْتُكَ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ.
وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ، وَهِيَ نِعْمَةُ الْعِصْمَةِ مِنَ الْإِهَانَةِ فَقَدْ كَفَّ اللَّهُ عَنْهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ سِنِينَ، وَهُوَ يَدْعُو إِلَى الدِّينِ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ مَعَ حِقْدِهِمْ وَقِلَّةِ أَنْصَارِهِ، فَصَرَفَهُمُ اللَّهُ عَنْ ضُرِّهِ حَتَّى أَدَّى الرِّسَالَةَ، ثُمَّ لَمَّا اسْتَفَاقُوا وَأَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ عَلَى قَتْلِهِ عَصَمَهُ اللَّهُ مِنْهُمْ فَرَفَعَهُ إِلَيْهِ وَلَمْ يَظْفَرُوا بِهِ، وَمَاتَتْ نُفُوسُهُمْ بِغَيْظِهَا. وَقَدْ دَلَّ عَلَى جَمِيعِ هَذِهِ الْمُدَّةِ الظَّرْفُ فِي قَوْلِهِ:
إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَإِنَّ تِلْكَ الْمُدَّةَ كُلَّهَا مُدَّةُ ظُهُورِ مُعْجِزَاتِهِ

[1] فِي المطبوعة: (أئذا متْنا وكنّا تُرَابا وعظاما إنّا لمخرجون) وَهُوَ خطأ.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 7  صفحه : 102
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست