responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 32
وَالنَّصِيبَ: الْحَظُّ وَالْمِقْدَارُ، وَهُوَ صَادِقٌ عَلَى الْحَظِّ فِي الْآخِرَةِ وَالْحَظِّ فِي الدُّنْيَا، وَتَقَدَّمَ آنِفًا.
وَالِاكْتِسَابُ: السَّعْيُ لِلْكَسْبِ، وَقَدْ يُسْتَعَارُ لِحُصُولِ الشَّيْءِ وَلَوْ بِدُونِ سَعْيٍ وَعِلَاجٍ.
وَ (مِنْ) لِلتَّبْعِيضِ أَوْ لِلِابْتِدَاءِ، وَالْمَعْنَى يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اسْتَحَقَّ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ كُلٌّ حَظَّهُ مِنَ الْأجر وَالثَّوَاب المنجرّ لَهُ مِنْ عَمَلِهِ، فَلَا فَائِدَةَ فِي تَمَنِّي فَرِيقٍ أَنْ يَعْمَلَ عَمَلَ فَرِيقٍ آخَرَ، لِأَنَّ الثَّوَابَ غَيْرُ مُنْحَصِرٍ فِي عَمَلٍ مُعَيَّنٍ، فَإِنَّ وَسَائِلَ الثَّوَابِ كَثِيرَةٌ فَلَا يَسُوءُكُمُ النَّهْيُ عَنْ تَمَنِّي مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَعْنَى: اسْتَحَقَّ كُلُّ شَخْصٍ، سَوَاءٌ كَانَ رَجُلًا أَمِ امْرَأَةً، حَظَّهُ مِنْ مَنَافِع الدُّنْيَا المنجرّ لَهُ مِمَّا سَعَى إِلَيْهِ بِجُهْدِهِ، أَوِ الَّذِي هُوَ
بَعْضُ مَا سَعَى إِلَيْهِ، فَتَمَنِّي أَحَدٍ شَيْئًا لَمْ يَسْعَ إِلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ حُقُوقِهِ، هُوَ تَمَنٍّ غَيْرُ عَادِلٍ، فَحَقَّ النَّهْيُ عَنْهُ أَوِ الْمَعْنَى اسْتَحَقَّ أُولَئِكَ نَصِيبَهُمْ مِمَّا كَسَبُوا، أَيْ مِمَّا شُرِعَ لَهُمْ مِنَ الْمِيرَاثِ وَنَحْوِهِ، فَلَا يَحْسُدْ أَحَدٌ أَحَدًا عَلَى مَا جُعِلَ لَهُ مِنَ الْحَقِّ، لِأَنَّ اللَّهَ أَعْلَمُ بِأَحَقِّيَّةِ بَعْضِكُمْ عَلَى بعض.
وَقَوله: وَسْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ كَانَ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ: لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا إِلَخْ، الَّذِي هُوَ عِلَّةُ النَّهْيِ عَنِ التَّمَنِّي، فَالْمَعْنَى: لِلرِّجَالِ مَزَايَاهُمْ وَحُقُوقُهُمْ، وَلِلنِّسَاءِ مَزَايَاهُنَّ وَحُقُوقُهُنَّ، فَمَنْ تَمَنَّى مَا لَمْ يُعَدَّ لِصِنْفِهِ فَقَدِ اعْتَدَى، لَكِنْ يَسْأَلُ اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ أَنْ يُعْطِيَهُ مَا أَعَدَّ لِصِنْفِهِ مِنَ الْمَزَايَا، وَيَجْعَلَ ثَوَابَهُ مُسَاوِيًا لِثَوَابِ الْأَعْمَالِ الَّتِي لَمْ تُعَدَّ لِصِنْفِهِ، كَمَا
قَالَ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنِّسَاءِ: «لَكُنَّ أَفْضَلُ الْجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ»
وَإِنْ كَانَ عَطْفًا عَلَى النَّهْيِ فِي قَوْلِهِ: وَلَا تَتَمَنَّوْا فَالْمَعْنَى: لَا تَتَمَنَّوْا مَا فِي يَدِ الْغَيْرِ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنَّ فَضْلَ اللَّهِ يَسَعُ الْإِنْعَامَ عَلَى الْكُلِّ، فَلَا أَثَرَ لِلتَّمَنِّي إِلَّا تَعَبُ النَّفْسِ. وَقَرَأَ الْجُمْهُور:
وَسْئَلُوا- بِإِثْبَاتِ الْهَمْزَةِ بَعْدَ السِّينِ السَّاكِنَةِ وَهِيَ عَيْنُ الْفِعْلِ- وَقَرَأَهُ ابْنُ كَثِيرٍ، وَالْكِسَائِيُّ- بِفَتْحِ السِّينِ وَحَذْفِ الْهَمْزَةِ بَعْدَ نَقْلِ حَرَكَتِهَا إِلَى السِّينِ السَّاكِنِ قَبْلَهَا تَخْفِيفًا-.
وَقَوْلُهُ: إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً تَذْيِيلٌ مُنَاسِبٌ لِهَذَا التَّكْلِيفِ، لِأَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِعَمَلِ النَّفْسِ لَا يُرَاقِبُ فِيهِ إلّا ربّه.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 32
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست