responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 230
ثُمَّ يُنْكِرُونَ نُبُوءَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُنْكِرُونَ الْقُرْآنَ، حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ، وَيَكْرَهُونَ بَعْضَ الْمَلَائِكَةِ لِذَلِكَ، وَهُمُ الْيَهُودُ، وَالتَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمِينَ أَكْمَلُ الْأُمَمِ إِيمَانًا، وَأَوْلَى النَّاسِ بِرُسُلِ اللَّهِ وَكُتُبِهِ، فَهُمْ أَحْرِيَاءُ بِأَنْ يَسُودُوا غَيْرَهُمْ لِسَلَامَةِ إِيمَانِهِمْ مِنْ إِنْكَارِ فَضَائِلِ أَهْلِ الْفَضَائِلِ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُهُ عَقِبَهُ «وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ» ، وَيَزِيدُ ذَلِكَ تَأْيِيدًا أَنَّهُ قَالَ: وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَعَطَفَهُ عَلَى الْأَشْيَاءِ الَّتِي مَنْ يَكْفُرُ بِهَا فَقَدْ ضَلَّ، مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْإِيمَانِ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ فِيمَا أَمَرَهُمْ بِهِ، لِأَنَّ الْإِيمَانَ بِهِ يُشَارِكُهُمْ فِيهِ الْيَهُودُ فَلَمْ يَذْكُرْهُ فِيمَا يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ، وَذَكَرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ تَعْرِيضًا بِالْمُشْرِكِينَ.
الْمَسْلَكُ الثَّالِثُ: أَنْ يُرَادَ بِالْأَمْرِ بِالْإِيمَانِ الدَّوَامُ عَلَيْهِ تَثْبِيتًا لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَتَحْذِيرًا لَهُمْ مِنَ الِارْتِدَادِ، فَيَكُونُ هَذَا الْأَمْرُ تَمْهِيدًا وَتَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ: وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ، وَلِقَوْلِهِ: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا [النِّسَاء: 137] الْآيَةَ.
الْمَسْلَكُ الرَّابِعُ: أَنَّ الْخِطَابَ لِلْمُنَافِقِينَ، يَعْنِي: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أَظْهَرُوا الْإِيمَانَ أَخْلِصُوا إِيمَانَكُمْ حَقًّا.
الْمَسْلَكُ الْخَامِسُ: رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ تَأْوِيلُ الْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ: آمِنُوا بِاللَّهِ بِأَنَّهُ طَلَبٌ لِثَبَاتِهِمْ عَلَى الْإِيمَانِ الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ الْجُبَّائِيُّ. وَهُوَ الْجَارِي عَلَى أَلْسِنَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَبِنَاءً عَلَيْهِ جَعَلُوا الْآيَةَ شَاهِدًا لِاسْتِعْمَالِ صِيغَةِ الْأَمْرِ فِي طَلَبِ الدَّوَامِ. وَالْمُرَادُ بِالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ الْجِنْسُ، وَالتَّعْرِيفُ لِلِاسْتِغْرَاقِ يَعْنِي: وَالْكُتُبُ الَّتِي أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ قَبْلِ الْقُرْآنِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ بَعْدَهُ «وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ» .
وَقَرَأَ نَافِعٌ. وَعَاصِمٌ. وَحَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ، وَيَعْقُوبُ، وَخَلَفٌ: «نَزَّلَ- وَأنزل» - كِلَيْهِمَا بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ- وَقَرَأَهُ ابْنُ كَثِيرٍ، وَابْنُ عَامِرٍ، وَأَبُو عَمْرٍو- بِالْبِنَاءِ لِلنَّائِبِ-.
وَجَاءَ فِي صِلَةِ وَصْفِ الْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ بِصِيغَةِ التَّفْعِيلِ، وَفِي صِلَةِ الْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ بِصِيغَةِ الْإِفْعَالِ تَفَنُّنًا، أَوْ لِأَنَّ الْقُرْآنَ حِينَئِذٍ بِصَدَدِ النُّزُولِ نُجُومًا، وَالتَّوْرَاةَ يَوْمَئِذٍ قَدِ انْقَضَى نُزُولُهَا. وَمَنْ قَالَ: لِأَنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ مُنَجَّمًا بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنَ الْكُتُبِ فَقَدْ أَخْطَأَ إِذْ لَا يُعْرَفُ كِتَابٌ نَزَلَ دفْعَة وَاحِدَة.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 230
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست