responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 225
وَالْقِسْطُ الْعَدْلُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: قائِماً بِالْقِسْطِ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ [18] . وَعَدَلَ عَنْ لَفْظِ الْعَدْلِ إِلَى كَلِمَةِ الْقِسْطِ لِأَنَّ الْقِسْطَ كَلِمَةٌ مُعَرَّبَةٌ أُدْخِلَتْ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ لِدَلَالَتِهَا فِي اللُّغَةِ الْمَنْقُولَةِ مِنْهَا عَلَى الْعَدْلِ فِي الْحُكْمِ، وَأَمَّا لَفْظُ الْعَدْلِ فَأَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ تَعْقِيبُهُ بِقَوْلِهِ: شُهَداءَ لِلَّهِ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ مِنْ عَلَائِقِ الْقَضَاءِ وَالْحُكْمِ.
ولِلَّهِ ظَرْفٌ مُسْتَقِرٌّ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ شُهَداءَ أَيْ لِأَجْلِ اللَّهِ، وَلَيْسَتْ لَامَ تَعْدِيَةِ شُهَداءَ إِلَى مَفْعُولِهِ، وَلَمْ يُذْكَرْ تَعَلُّقَ الْمَشْهُودِ لَهُ بِمُتَعَلَّقِهِ وَهُوَ وَصْفُ شُهَداءَ لِإِشْعَارِ الْوَصْفِ بِتَعْيِينِهِ، أَيِ الْمَشْهُودِ لَهُ بِحَقٍّ. وَقَدْ جَمَعَتِ الْآيَةُ أَصْلَيِ التَّحَاكُمِ، وَهُمَا الْقَضَاءُ وَالشَّهَادَةُ.
وَجُمْلَةُ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ حَالِيَّةٌ، وَ (لَوْ) فِيهَا وَصْلِيَّةٌ، وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي تَحْقِيقِ مَوْقِعِ (لَوْ) الْوَصْلِيَّةِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ [91] .
وَيَتَعَلَّقُ عَلى أَنْفُسِكُمْ بِكُلٍّ مِنْ قَوَّامِينَ وشُهَداءَ لِيَشْمَلَ الْقَضَاءَ وَالشَّهَادَةَ.
وَالْأَنْفُسُ: جَمْعُ نَفْسٍ وَأَصْلُهَا أَنْ تُطْلَقَ عَلَى الذَّاتِ، وَيُطْلِقُهَا الْعَرَبُ أَيْضًا عَلَى صَمِيمِ الْقَبِيلَةِ، فَيَقُولُونَ: هُوَ مِنْ بَنِي فُلَانٍ مِنْ أَنْفُسِهِمْ.
فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَنْفُسِكُمْ هُنَا بِالْمَعْنَى الْمُسْتَعْمَلِ بِهِ غَالِبًا، أَيْ: قُومُوا بِالْعَدْلِ عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَاشْهَدُوا لِلَّهِ عَلَى أَنْفُسِكُمْ، أَيْ قَضَاءً غَالِبًا لِأَنْفُسِكُمْ وَشَهَادَةً غَالِبَةً لِأَنْفُسِكُمْ، لِأَنَّ حَرْفَ (عَلَى) مُؤْذِنٌ بِأَنَّ مُتَعَلِّقَهُ شَدِيدٌ فِيهِ كُلْفَةٌ عَلَى الْمَجْرُورِ بِعَلَى، أَيْ وَلَوْ كَانَ قَضَاءُ الْقَاضِي مِنْكُمْ وَشَهَادَةُ الشَّاهِدِ مِنْكُمْ بِمَا فِيهِ ضُرٌّ وَكَرَاهَةٌ لِلْقَاضِي وَالشَّاهِدِ، وَهَذَا أَقْصَى مَا يُبَالِغُ عَلَيْهِ فِي الشِّدَّةِ وَالْأَذَى، لِأَنَّ أَشَقَّ شَيْءٍ عَلَى الْمَرْءِ مَا يَنَالُهُ مِنْ أَذًى وَضُرٍّ فِي ذَاتِهِ، ثُمَّ ذُكِرَ بَعْدَ ذَلِكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ لِأَنَّ أَقْضِيَةَ الْقَاضِي وَشَهَادَةَ الشَّاهِدِ فِيمَا يُلْحِقُ ضُرًّا وَمَشَقَّةً بِوَالِدَيْهِ وَقَرَابَتَهُ أَكْثَرُ مِنْ قَضَائِهِ وَشَهَادَتِهِ فِيمَا يَؤُولُ بِذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ.
وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ: وَلَو على قيبلتكم أَوْ وَالِدَيْكُمْ وَقَرَابَتِكُمْ. وَمَوْقِعُ الْمُبَالَغَةِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ (لَوْ) الْوَصْلِيَّةِ أَنَّهُ كَانَ مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ أَنْ يَنْتَصِرُوا بِمَوَالِيهِمْ مِنَ الْقَبَائِلِ وَيَدْفَعُوا عَنْهُمْ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 225
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست