responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 216
أَنَّ ابْنَةَ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ كَانَتْ عِنْدَ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ فَكَرِهَ مِنْهَا أَمْرًا، أَيْ كِبَرًا فَأَرَادَ طَلَاقَهَا، فَقَالَتْ لَهُ: أَمْسِكْنِي وَاقْسِمْ لِي مَا بَدَا لَكَ. فَنَزَلَتِ الْآيَةُ فِي ذَلِكَ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: أَنْ يَصَّالَحَا- بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَفَتْحِ اللَّامِ- وَأَصْلُهُ يَتَصَالَحَا، فَأُدْغِمَتِ التَّاءُ فِي الصَّادِ، وَقَرَأَ عَاصِمٌ، وَحَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ، وَخَلَفٌ: «أَنْ يُصْلِحَا» - بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَتَخْفِيفِ الصَّادِ وَكَسْرِ اللَّامِ- أَيْ يُصْلِحَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَأْنَهُمَا بِمَا يَبْدُو مِنْ وُجُوهِ الْمُصَالَحَةِ.
وَالتَّعْرِيفُ فِي قَوْلِهِ: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ تَعْرِيفُ الْجِنْسِ وَلَيْسَ تَعْرِيفَ الْعَهْدِ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إِثْبَاتُ أَنَّ مَاهِيَّةَ الصُّلْحِ خَيْرٌ لِلنَّاسِ، فَهُوَ تَذْيِيلٌ لِلْأَمْرِ بِالصُّلْحِ وَالتَّرْغِيبِ فِيهِ، وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ أَنَّ الصُّلْحَ الْمَذْكُورَ آنِفًا، وَهُوَ الْخُلْعُ، خَيْرٌ مِنَ النِّزَاعِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، لِأَنَّ هَذَا، وَإِنْ صَحَّ مَعْنَاهُ، إِلَّا أَنَّ فَائِدَةَ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَوْفَرُ، وَلِأَنَّ فِيهِ التَّفَادِيَ عَنْ إِشْكَالِ تَفْضِيلِ الصُّلْحِ عَلَى النِّزَاعِ فِي الْخَيْرِيَّةِ مَعَ أَنَّ النِّزَاعَ لَا خَيْرَ فِيهِ أَصْلًا. وَمَنْ جَعَلَ الصُّلْحَ
الثَّانِيَ عَيْنَ الْأَوَّلِ غَرَّتْهُ الْقَاعِدَةُ الْمُتَدَاوَلَةُ عِنْدَ بَعْضِ النُّحَاةِ، وَهِيَ: أَنَّ لَفْظَ النَّكِرَةِ إِذَا أُعِيدَ مُعَرَّفًا بِاللَّامِ فَهُوَ عَيْنُ الْأُولَى. وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ ذَكَرَهَا ابْنُ هِشَامٍ الْأَنْصَارِيُّ فِي «مُغْنِي اللَّبِيبِ» فِي الْبَابِ السَّادِسِ، فَقَالَ: يَقُولُونَ: «النَّكِرَةُ إِذَا أُعِيدَتْ نَكِرَةً كَانَتْ غَيْرَ الْأُولَى، وَإِذَا أُعِيدَتْ مَعْرِفَةً، أَوْ أُعِيدَتِ الْمَعْرِفَةُ مَعْرِفَةً أَوْ نَكِرَةً كَانَتِ الثَّانِيَةُ عَيْنَ الْأُولَى» ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ فِي الْقُرْآنِ آيَاتٍ تَرُدُّ هَذِهِ الْأَحْكَامَ الْأَرْبَعَةَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً [الرّوم: 54] وَقَوله: أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ [النِّسَاء: 128] زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ [النَّحْل: 88] وَالشَّيْءُ لَا يَكُونُ فَوْقَ نَفْسِهِ أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ [الْمَائِدَة: 45] يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ [النِّسَاء: 153] ، وَأَنَّ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مَا يَرُدُّ ذَلِكَ أَيْضًا. وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يُخْتَلَفُ فِي ذَلِكَ إِذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ لِتَعْرِيفِ الْجِنْسِ لَا لِتَعْرِيفِ الْعَهْدِ، كَمَا هُنَا. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي إِعَادَةِ الْمَعْرِفَةِ نَكِرَةً عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [193] . وَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَقالُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ [37] .
وَقَوْلُهُ خَيْرٌ لَيْسَ هُوَ تَفْضِيلًا وَلَكِنَّهُ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ، وَزْنُهُ فَعْلٌ، كَقَوْلِهِمْ: سَمْحٌ وَسَهْلٌ، وَيُجْمَعُ عَلَى خُيُورٍ. أَوْ هُوَ مَصْدَرٌ مُقَابِلُ الشَّرِّ، فَتَكُونُ إِخْبَارًا بِالْمَصْدَرِ. وَأَمَّا

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 216
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست