responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 183
النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ صَيَّرَ الصَّلَاةَ ذَاتَ الْأَرْبَعِ الرَّكَعَاتِ ذَاتَ رَكْعَتَيْنِ. وَأَجْمَلَتِ الْآيَةُ فَلَمْ تُعَيِّنِ الصَّلَوَاتِ الَّتِي يَعْتَرِيهَا الْقَصْرُ، فَبَيَّنَتْهُ السُّنَّةُ بِأَنَّهَا الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ وَالْعِشَاءُ. وَلَمْ تَقْصُرِ الصُّبْحَ لِأَنَّهَا تَصِيرُ رَكْعَةً وَاحِدَةً فَتَكُونُ غَيْرَ صَلَاةٍ، وَلَمْ تَقْصُرِ الْمَغْرِبَ لِئَلَّا تَصِيرَ شَفْعًا فَإِنَّهَا وِتْرُ النَّهَارِ، وَلِئَلَّا تَصِيرَ رَكْعَةً وَاحِدَةً كَمَا قُلْنَا فِي الصُّبْحِ.
وَهَذِهِ الْآيَةُ أَشَارَتْ إِلَى قَصْرِ الصَّلَاةِ الرُّبَاعِيَّةِ فِي السَّفَرِ، وَيَظْهَرُ مِنْ أُسْلُوبِهَا أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ قَصْرَ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ شُرِعَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَقِيلَ: فِي رَبِيعٍ الْآخِرِ مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ، وَقِيلَ: بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا. وَقَدْ رَوَى أَهْلُ الصَّحِيحِ قَوْلَ عَائِشَةَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-: فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ وَزِيدَتْ صَلَاةُ الْحَضَرِ، وَهُوَ حَدِيثٌ بَيِّنٌ وَاضِحٌ. وَمَحْمَلُ الْآيَةِ عَلَى مُقْتَضَاهُ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا فَرَضَ الصَّلَاةَ رَكْعَتَيْنِ فَتَقَرَّرَتْ كَذَلِكَ فَلَمَّا صَارَتِ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ وَالْعِشَاءُ أَرْبَعًا نُسِخَ مَا كَانَ مِنْ عَدَدِهَا، وَكَانَ ذَلِكَ فِي مَبْدَأِ الْهِجْرَةِ، وَإِذْ قَدْ كَانَ أَمْرُ النَّاسِ مُقَامًا عَلَى حَالَةِ الْحَضَرِ وَهِيَ الْغَالِبُ عَلَيْهِمْ، بَطَلَ إِيقَاعُ الصَّلَوَاتِ الْمَذْكُورَاتِ رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا غَزَوْا خَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَأَذِنَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا تِلْكَ الصَّلَوَاتِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، فَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى: فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ وَقَالَ: أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ وَإِنَّمَا قَالَتْ عَائِشَةُ «أُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ» حَيْثُ لَمْ تَتَغَيَّرْ عَنِ الْحَالَةِ الْأُولَى، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يُصَلُّوهَا تَامَّةً فِي السَّفَرِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ، فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ قَوْلِهَا وَبَيْنَ الْآيَةِ.
وَقَوْلُهُ: إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا شَرْطٌ دَلَّ عَلَى تَخْصِيصِ الْإِذْنِ بِالْقَصْرِ بِحَالِ الْخَوْفِ مِنْ تَمَكُّنِ الْمُشْرِكِينَ مِنْهُمْ وَإِبْطَالِهِمْ عَلَيْهِمْ صَلَاتَهُمْ، وَأَنَّ اللَّهَ أَذِنَ فِي الْقَصْرِ لِتَقَعَ الصَّلَاةُ عَنِ اطْمِئْنَانٍ، فَالْآيَةُ هَذِهِ خَاصَّةٌ بِقَصْرِ الصَّلَاةِ عِنْدَ الْخَوْفِ، وَهُوَ الْقَصْرُ الَّذِي لَهُ هَيْئَةٌ خَاصَّةٌ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ، وَهَذَا رَأْيُ مَالِكٍ، يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا أَخْرَجَهُ فِي «الْمُوَطَّأِ» :
أَنَّ رَجُلًا مِنْ آلِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدٍ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ «إِنَّا نَجِدُ صَلَاةَ الْخَوْفِ وَصَلَاةَ الْحَضَرِ فِي الْقُرْآنِ وَلَا نَجِدُ صَلَاةَ السَّفَرِ» ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: «يَا ابْنَ أَخِي إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ إِلَيْنَا
مُحَمَّدًا وَلَا نَعْلَمُ شَيْئًا فَإِنَّمَا نَفْعَلُ كَمَا رَأَيْنَاهُ يَفْعَلُ» ، يَعْنِي أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَقَرَّ السَّائِلَ وَأَشْعَرَهُ بِأَنَّ صَلَاةَ السَّفَرِ ثَبَتَتْ بِالسُّنَّةِ، وَكَذَلِكَ كَانَتْ تَرَى عَائِشَةُ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ خَاصَّةٌ بِالْخَوْفِ، فَكَانَا يُكْمِلَانِ الصَّلَاةَ فِي السَّفَرِ. وَهَذَا

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 183
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست