responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 171
وَجَازَ فِي «غَيْرَ» الرَّفْعُ عَلَى النَّعْتِ، وَالنَّصْبُ عَلَى الْحَالِ، لِأَنَّ (الْقَاعِدُونَ) تَعْرِيفُهُ لِلْجِنْسِ فَيَجُوزُ فِيهِ مُرَاعَاةُ اللَّفْظِ وَمُرَاعَاةُ الْمَعْنَى.
وَالضَّرَرُ: الْمَرَضُ وَالْعَاهَةُ مِنْ عَمًى أَوْ عَرَجٍ أَوْ زَمَانَةٍ، لِأَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ لِمَصَادِرِ الْأَدْوَاءِ وَنَحْوِهَا، وَأَشْهَرُ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْعَمَى، وَلِذَلِكَ يُقَالُ لِلْأَعْمَى: ضَرِيرٌ، وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ لِلْأَعْرَجِ وَالزَّمِنِ، وَأَحْسَبُ أَنَّ الْمُرَادَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ خُصُوصُ الْعَمَى وَأَنَّ غَيْرَهُ مَقِيسٌ عَلَيْهِ.
وَالضَّرَر مَصْدَرُ ضَرِرَ- بِكَسْرِ الرَّاءِ- مِثْلَ مَرِضَ، وَهَذِهِ الزِّنَةُ تَجِيءُ فِي الْعَاهَاتِ وَنَحْوِهَا، مِثْلَ عَمِيَ وَعَرِجَ وَحَصِرَ، وَمَصْدَرُهَا مَفْتُوحُ الْعَيْنِ مِثْلَ الْعَرَجِ، وَلِأَجْلِ خِفَّتِهِ- بِفَتْحِ الْعَيْنِ- امْتَنَعَ إِدْغَامُ الْمِثْلَيْنِ فِيهِ، فَقِيلَ: ضَرَرٌ بِالْفَكِّ، وَبِخِلَافِ الضُّرِّ الَّذِي هُوَ مَصْدَرُ ضَرَّهُ فَهُوَ وَاجِبُ الْإِدْغَامِ إِذْ لَا مُوجِبَ لِلْفَكِّ. وَلَا نَعْرِفُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ إِطْلَاقَ الضَّرَرِ عَلَى غَيْرِ الْعَاهَاتِ الضَّارَّةِ وَأَمَّا مَا رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» فَهُوَ نَادِرٌ أَوْ جَرَى عَلَى الْإِتْبَاعِ وَالْمُزَاوَجَةِ لِاقْتِرَانِهِ بِلَفْظِ ضِرَارَ وَهُوَ مُفَكَّكٌ. وَزَعَمَ الْجَوْهَرِيُّ أَنَّ ضَرَرَ اسْمُ مَصْدَرِ الضُّرِّ، وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَمْ يُحْفَظْ عَنْ غَيْرِهِ وَلَا شَاهِدَ عَلَيْهِ.
وَقَوْلُهُ: بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ لِأَنَّ الْجِهَادَ يَقْتَضِي الْأَمْرَيْنِ: بَذْلَ النَّفْسِ وَبَذْلَ الْمَالِ، إِلَّا أَنَّ الْجِهَادَ عَلَى الْحَقِيقَةِ هُوَ بَذْلُ النَّفْسِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَو لم يتَّفق شَيْئًا، بَلْ وَلَوْ كَانَ كَلًّا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، كَمَا أَنَّ مَنْ بَذَلَ الْمَالَ لِإِعَانَةِ الْغُزَاةِ، وَلَمْ يُجَاهِدْ بِنَفْسِهِ، لَا يُسَمَّى مُجَاهِدًا وَإِنْ كَانَ لَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ، وَكَذَلِكَ مَنْ حَبَسَهُ الْعُذْرُ وَكَانَ يَتَمَنَّى زَوَالَ عُذْرِهِ وَاللَّحَاقَ بِالْمُجَاهِدِينَ، لَهُ فَضْلٌ عَظِيمٌ، وَلَكِنَّ فَضْلَ الْجِهَادِ بِالْفِعْلِ لَا يُسَاوِيهِ فَضْلُ الْآخَرِينَ.
وَجُمْلَةُ: فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ بَيَانٌ لِجُمْلَةِ: لَا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ.
وَحَقِيقَةُ الدَّرَجَةِ أَنَّهَا جُزْءٌ مِنْ مَكَانٍ يَكُونُ أَعْلَى مِنْ جُزْءٍ آخَرَ مُتَّصِلٍ بِهِ، بِحَيْثُ تَتَخَطَّى الْقَدَمُ إِلَيْهِ بِارْتِقَاءٍ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي كَانَتْ عَلَيْهِ بِصُعُودٍ، وَذَلِكَ مِثْلُ دَرَجَةِ الْعُلَيَّةِ وَدَرَجَةِ السُّلَّمِ.
وَالدَّرَجَةُ هُنَا مُسْتَعَارَةٌ لِلْعُلُوِّ الْمَعْنَوِيِّ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [الْبَقَرَة: 228] وَالْعُلُوُّ الْمُرَادُ هُنَا عُلُوُّ الْفَضْلِ وَوَفْرَةِ الْأَجْرِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 171
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست