responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 17
مِمَّا أُلْحِقَ بِهَذِهِ السُّورَةِ إِكْمَالًا لِلْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْإِمَاءِ كَمَا هُوَ وَاقِعٌ فِي نَظَائِرَ عَدِيدَةٍ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُقَدَّمَةِ الثَّامِنَةِ مِنْ مُقَدَّمَاتِ هَذَا التَّفْسِيرِ. وَهَذِهِ الْآيَةُ تَحَيَّرَ فِيهَا الْمُتَأَوِّلُونَ لِاقْتِضَائِهَا أَنْ لَا تُحَدَّ الْأَمَةُ فِي الزِّنَى إِلَّا إِذَا كَانَتْ مُتَزَوِّجَةً، فَتَأَوَّلَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عُمَرَ بِأَنَّ الْإِحْصَانَ هُنَا الْإِسْلَامُ، وَرَأَوْا أَنَّ الْأَمَةَ تحدّ فِي الزِّنَا سَوَاءٌ كَانَتْ مُتَزَوِّجَةً أَمْ عَزْبَى، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْأَيِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ. وَلَا أَظُنُّ أَنَّ دَلِيلَ الْأَيِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ هُوَ حَمْلُ الْإِحْصَانِ هُنَا عَلَى مَعْنَى الْإِسْلَامِ، بَلْ مَا
ثَبَتَ فِي «الصَّحِيحَيْنِ» أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنْ فَأَوْجَبَ عَلَيْهَا الْحَدَّ
. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَالْأَمَةُ الْمُتَزَوِّجَةُ مَحْدُودَةٌ بِالْقُرْآنِ، وَالْأَمَةُ غَيْرُ الْمُتَزَوِّجَةِ مَحْدُودَةٌ بِالسُّنَّةِ. وَنِعْمَ هَذَا الْكَلَامُ. قَالَ الْقَاضِي إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق: فِي حَمْلِ الْإِحْصَانِ فِي الْآيَةِ عَلَى الْإِسْلَامِ بُعْدٌ لِأَنَّ ذِكْرَ إِيمَانِهِنَّ قَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ وَهُوَ تَدْقِيقٌ، وَإِنْ أَبَاهُ ابْنُ عَطِيَّةَ.
وَقَدْ دَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ حَدَّ الْأَمَةِ الْجَلْدُ، وَلَمْ تَذْكُرِ الرَّجْمَ، فَإِذَا كَانَ الرَّجْمُ مَشْرُوعًا قَبْلَ نُزُولِهَا دَلَّتْ عَلَى أَنَّ الْأَمَةَ لَا رَجْمَ عَلَيْهَا، وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ، وَتَوَقَّفَ أَبُو ثَوْرٍ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الرَّجْمُ قَدْ شُرِعَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا تَدُلُّ الْآيَةُ عَلَى نَفْيِ رَجْمِ الْأَمَةِ، غَيْرَ أَنَّ قَصْدَ التَّنْصِيفِ فِي حَدِّهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَا يُبْلَغُ بِهَا حَدُّ الْحُرَّةِ، فَالرَّجْمُ يَنْتَفِي لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ التَّجْزِئَةَ، وَهُوَ مَا ذُهِلَ عَنْهُ أَبُو ثَوْرٍ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ حَدِّ الْأَمَةِ فَقَالَ: «الْأَمَةُ أَلْقَتْ فَرْوَةَ رَأْسِهَا مِنْ وَرَاءِ الدَّارِ» أَيْ أَلْقَتْ فِي بَيْتِ أَهْلِهَا قِنَاعَهَا، أَيْ
أَنَّهَا تَخْرُجُ إِلَى كُلِّ مَوْضِعٍ يُرْسِلُهَا أَهْلُهَا إِلَيْهِ لَا تَقْدِرُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ ذَلِكَ، فَتَصِيرُ إِلَى حَيْثُ لَا تَقْدِرُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنَ الْفُجُورِ، قَالُوا: فَكَانَ يَرَى أَنْ لَا حَدَّ عَلَيْهَا إِذَا فَجَرَتْ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ، وَكَأَنَّهُ رَأَى أَنَّهَا إِذَا تَزَوَّجَتْ فَقَدْ مَنَعَهَا زَوْجُهَا. وَقَوْلُهُ هَذَا وَإِنْ كَانَ غَيْرَ الْمَشْهُورِ عَنْهُ، وَلَكِنَّنَا ذَكَرْنَاهُ لِأَنَّ فِيهِ لِلْمُتَبَصِّرِ بِتَصْرِيفِ الشَّرِيعَةِ عِبْرَةً فِي تَغْلِيظِ الْعُقُوبَةِ بِمِقْدَارِ قُوَّةِ الْخِيَانَةِ وَضَعْفِ الْمَعْذِرَةِ.
وَقَرَأَ نَافِعٌ، وَابْنُ كَثِيرٍ، وَابْنُ عَامِرٍ، وَحَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ، وَيَعْقُوبُ:
أُحْصِنَّ- بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الصَّادِ- مَبْنِيًّا لِلنَّائِبِ، وَهُوَ بِمَعْنَى مُحْصَنَاتٍ- الْمَفْتُوحِ الصَّادِ. وَقَرَأَهُ حَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ، وَخَلَفٌ: بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الصَّادِ، وَهُوَ مَعْنَى مُحْصِنَاتٍ- بِكَسْرِ الصَّادِ-.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 17
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست