responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 153
وَمَعْنَى (يَصِلُونَ) يَنْتَسِبُونَ، مِثْلُ مَعْنَى اتَّصَلَ فِي قَوْلِ أَحَدِ بَنِي نَبْهَانَ:
أَلا بلغا خلّني رَاشِدًا ... وَصِنْوِي قَدِيمًا إِذَا مَا اتَّصَلَ
أَيِ انْتَسَبَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْتَحَقَ، أَيْ إِلَّا الَّذِينَ يَلْتَحِقُونَ بِقَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ، فَيَدْخُلُونَ فِي عَهْدِهِمْ، فَعَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ هُمْ مِنَ الْمُعَاهَدِينَ أَصَالَةً وَعَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي هُمْ كَالْمُعَاهَدِينَ لِأَنَّ مُعَاهَدَ الْمُعَاهَدِ كَالْمُعَاهَدِ. وَالْمُرَادُ بِ (الَّذِينَ يَصِلُونَ) قَوْمٌ غَيْرُ مُعَيَّنِينَ، بَلْ كُلُّ مَنِ اتَّصَلَ بِقَوْمٍ لَهُمْ عَهْدٌ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، وَلِذَلِكَ قَالَ مُجَاهِدٌ:
هَؤُلَاءِ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ نَزَلَ فِيهِمْ فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ [النِّسَاء: 88] .
وَأَمَّا قَوْلُهُ: إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فَالْمُرَادُ بِهِ الْقَبَائِلُ الَّتِي كَانَ لَهُمْ عَهْدٌ مَعَ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ مُجَاهِدٌ: لَمَّا نَزَلَتْ: فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ الْآيَةَ خَافَ أُولَئِكَ الَّذِينَ نَزَلَتْ فِيهِمْ، فَذَهَبُوا بِبَضَائِعِهِمْ إِلَى هِلَالِ بْنِ عُوَيْمِرِ الْأَسْلَمِيِّ، وَكَانَ قَدْ حَالَفَ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى: أَنْ لَا يُعِينَهُ وَلَا يُعِينَ عَلَيْهِ، وَأَنَّ مَنْ لَجَأَ إِلَى هِلَالٍ مِنْ قَوْمِهِ وَغَيْرِهِمْ فَلَهُ مِنَ الْجِوَارِ مِثْلُ مَا لَهُ. وَقِيلَ: أُرِيدَ بِالْقَوْمِ الَّذِينَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ خُزَاعَةُ، وَقِيلَ: بَنُو بَكْرِ بْنِ زَيْدِ مَنَاءَةٍ كَانُوا فِي صُلْحٍ وَهُدْنَةٍ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يَكُونُوا آمَنُوا يَوْمَئِذٍ وَقِيلَ: هُمْ بَنُو مُدْلِجٍ إِذْ كَانَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ الْمُدْلِجِيُّ قَدْ عَقَدَ عَهْدًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْمِهِ بَنِي مُدْلِجٍ بَعْدَ يَوْمِ بَدْرٍ، عَلَى أَنْ لَا يُعِينُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَأَنَّهُمْ إِنْ أَسْلَمَتْ قُرَيْشٌ أَسْلَمُوا وَإِنْ لَمْ تُسْلِمْ قُرَيْشٌ فَهُمْ لَا يُسْلِمُونَ، لِئَلَّا تَخْشُنَ قُلُوبُ قُرَيْشٍ عَلَيْهِمْ. وَالْأَوْلَى أَنَّ جَمِيعَ هَذِهِ الْقَبَائِلِ مَشْمُولٌ لِلْآيَةِ.
وَمعنى أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ إِلَخْ: أَوْ جَاءُوا إِلَى الْمَدِينَةِ مُهَاجِرِينَ وَلَكِنَّهُمْ شَرَطُوا أَنْ لَا يُقَاتِلُوا مَعَ الْمُؤْمِنِينَ قَوْمَهُمْ فَاقْبَلُوا مِنْهُمْ ذَلِكَ. وَكَانَ هَذَا رُخْصَةً لَهُمْ أَوَّلَ الْإِسْلَامِ، إِذْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ قَدْ هَادَنُوا قَبَائِلَ مِنَ الْعَرَبِ تَأَلُّفًا لَهُمْ، وَلِمَنْ دَخَلَ فِي عَهْدِهِمْ، فَلَمَّا قَوِيَ الْإِسْلَامُ صَارَ الْجِهَادُ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَاجِبًا عَلَى كُلِّ مَنْ يَدْخُلُ فِي الْإِسْلَامِ، أَمَّا الْمُسْلِمُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَمَنْ أَسْلَمُوا وَلَمْ يَشْتَرِطُوا هَذَا الشَّرْطَ فَلَا تَشْمَلُهُمُ الرُّخْصَةُ، وَهُمُ الَّذِينَ قَاتَلُوا مُشْرِكِي مَكَّةَ وَغَيْرِهَا.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ «حَصِرَتْ» - بِصِيغَةِ فِعْلِ الْمُضِيِّ الْمُقْتَرِنِ بِتَاءِ تَأْنِيثِ الْفِعْلِ- وَقَرَأَهُ يَعْقُوبُ «حَصِرَةً» - بِصِيغَةِ الصِّفَةِ وَبَهَاءِ تَأْنِيثِ الْوَصْفِ فِي آخِرِهِ مَنْصُوبَةً مُنَوَّنَةً-.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 153
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست