responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 141
مِنْهُمْ، فَإِنْ كَانَ الْمُتَحَدَّثُ عَنْهُمُ الْمُنَافِقِينَ فَوَصْفُ أُولِي الْأَمْرِ بِأَنَّهُمْ مِنْهُمْ جَارٍ عَلَى ظَاهِرِ الْأَمْرِ وَإِرْخَاءِ الْعِنَانِ، أَيْ أُولُو الْأَمْرِ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ أَنْفُسَهُمْ بَعْضَهُمْ وَإِنْ كَانَ الْمُتَحَدَّثُ عَنْهُمُ الْمُؤْمِنِينَ، فَالتَّبْعِيضُ ظَاهِرٌ.
وَالِاسْتِنْبَاطُ حَقِيقَتُهُ طَلَبُ النَّبَطِ- بِالتَّحْرِيكِ- وَهُوَ أَوَّلُ الْمَاءِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الْبِئْرِ عِنْدَ الْحَفْرِ وَهُوَ هُنَا مَجَازٌ فِي الْعِلْمِ بِحَقِيقَةِ الشَّيْءِ وَمَعْرِفَةِ عَوَاقِبِهِ، وَأَصْلُهُ مَكْنِيَّةٌ: شَبَّهَ الْخَبَرَ الْحَادِثَ بِحَفِيرٍ يُطْلَبُ مِنْهُ الْمَاءُ، وَذِكْرُ الِاسْتِنْبَاطِ تَخْيِيلٌ. وَشَاعَتْ هَذِهِ الِاسْتِعَارَةُ حَتَّى صَارَتْ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً، فَصَارَ الِاسْتِنْبَاطُ بِمَعْنَى التَّفْسِيرِ وَالتَّبْيِينِ، وَتَعْدِيَةِ الْفِعْلِ إِلَى ضَمِيرِ الْأَمْرِ عَلَى اعْتِبَارِ الْمَعْنَى الْعُرْفِيِّ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَقِيلَ: يَسْتَنْبِطُونَ مِنْهُ، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، أَوْ هُوَ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ.
وَإِذَا جَرَيْتَ عَلَى احْتِمَالِ كَوْنِ (يَسْتَنْبِطُونَ) بِمَعْنَى يَخْتَلِقُونَ كَمَا تَقَدَّمَ كَانَتْ يَسْتَنْبِطُونَهُ تَبَعِيَّةً، بِأَنْ شَبَّهَ الْخَبَرَ الْمُخْتَلَقَ بِالْمَاءِ الْمَحْفُورِ عَنْهُ، وَأَطْلَقَ يَسْتَنْبِطُونَ بِمَعْنَى يَخْتَلِقُونَ، وَتَعَدَّى الْفِعْلُ إِلَى ضَمِيرِ الْخَبَرِ لِأَنَّهُ الْمُسْتَخْرَجُ. وَالْعَرَبُ يُكْثِرُونَ الِاسْتِعَارَةَ مِنْ أَحْوَالِ الْمِيَاهِ كَقَوْلِهِمْ: يُصْدِرُ وَيُورِدُ، وَقَوْلِهِمْ ضَرَبَ أَخْمَاسًا لِأَسْدَاسٍ، وَقَوْلِهِمْ: يَنْزِعُ إِلَى كَذَا، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ [الذاريات: 59] ، وَقَالَ عَبْدَةُ بْنُ الطَّبِيبِ:
فَحُقَّ لِشَأْسٍ مِنْ نَدَاكَ ذَنُوبُ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: تَسَاجَلَ الْقَوْمُ، أَصْلُهُ مِنَ السَّجْلِ، وَهُوَ الدَّلْوُ.
وَقَالَ قَيْسُ بْنُ الْخَطِيمِ:
إِذَا مَا اصْطَبَحْتُ أَرْبَعًا خَطَّ مِئْزَرِي ... وَأَتْبَعْتُ دَلْوِي فِي السَّمَاحِ رِشَاءَهَا
فَذَكَرَ الدَّلْوَ وَالرِّشَاءَ. وَقَالَ النَّابِغَةُ:
خَطَاطِيفُ حَجْنٍ فِي حِبَالٍ مَتِينَةٍ ... تَمُدُّ بِهَا أَيْدٍ إِلَيْكَ نَوَازِعُ
وَقَالَ:
وَلَوْلَا أَبُو الشَّقْرَاءِ مَا زَالَ مَاتِحٌ ... يُعَالِجُ خَطَّافًا بِإِحْدَى الْجَرَائِرِِِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 141
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست