responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 122
مَعْنَى الْكَلَامِ: فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا فَإِنَّهُمْ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ، وَلَا يَفْهَمُ أَحَدٌ مِنْ قَوْلِهِ: فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْقِتَالِ مُخْتَصٌّ بِفَرِيقٍ دُونَ آخَرَ، لِأَنَّ بَذْلَ الْحَيَاةِ فِي الْحُصُولِ عَلَى ثَوَابِ الْآخِرَةِ شَيْءٌ غَيْرُ ظَاهِرٍ حَتَّى يُعَلَّقَ التَّكْلِيفُ بِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ ضَمَائِرُ بَيْنَ الْعِبَادِ وَرَبِّهِمْ، فَتَعَيَّنَ أَنَّ إِسْنَادَ الْأَمْرِ إِلَى أَصْحَابِ هَذِهِ الصِّلَةِ مَقْصُودٌ مِنْهُ الثَّنَاءُ عَلَى الْمُجَاهِدِينَ، وَتَحْقِيرُ الْمُبَطِّئِينَ، كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ «لَيْسَ بِعُشِّكِ فَادْرُجِي» . فَهَذَا تَفْسِيرُ الْآيَةِ بِوَجْهٍ لَا يَعْتَرِيهِ إِشْكَالٌ. وَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ: أَوْ يَغْلِبْ أَصْنَافُ الْغَلَبَةِ عَلَى الْعَدُوِّ بِقَتْلِهِمْ أَوْ أَسْرِهِمْ أَوْ غُنْمِ أَمْوَالِهِمْ.
وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْقَتْلِ وَالْغَلَبَةِ فِي قَوْلِهِ: فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ وَلَمْ يَزِدْ أَوْ يُؤْسَرْ إِبَايَةً مِنْ أَنْ يَذْكُرَ لَهُمْ حَالَةً ذَمِيمَةً لَا يَرْضَاهَا اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَهِيَ حَالَةُ الْأَسْرِ فَسَكَتَ عَنْهَا لِئَلَّا يَذْكُرَهَا فِي مَعْرِضِ التَّرْغِيبِ وَإِنْ كَانَ لِلْمُسْلِمِ عَلَيْهَا أَجْرٌ عَظِيمٌ أَيْضًا إِذَا بَذَلَ جُهْدَهُ فِي الْحَرْب فعلب إِذِ الْحَرْبُ لَا تَخْلُو مِنْ ذَلِكَ، وَلَيْسَ بِمَأْمُورٍ أَنْ يُلْقِيَ بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُجْدِي عَنْهُ الِاسْتِبْسَالُ، فَإِنَّ مِنْ مَنَافِعِ الْإِسْلَامِ اسْتِبْقَاءَ رِجَالِهِ لِدِفَاعِ الْعَدُوِّ.
وَالْخِطَابُ فِي قَوْلِهِ: وَما لَكُمْ لَا تُقاتِلُونَ الْتِفَاتٌ مِنْ طَرِيقِ الْغَيْبَةِ، وَهُوَ طَرِيقُ
الْمَوْصُولِ فِي قَوْلِهِ: الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ إِلَى طَرِيقِ الْمُخَاطَبَةِ.
وَمَعْنَى مَا لَكُمْ لَا تُقاتِلُونَ مَا يَمْنَعُكُمْ مِنَ الْقِتَالِ، وَأَصْلُ التَّرْكِيبِ: أَيُّ شَيْءٍ حَقٌّ لَكُمْ فِي حَالِ كَوْنِكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ، فَجُمْلَةُ لَا تُقاتِلُونَ حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى مَا مِنْهُ الِاسْتِفْهَامُ.
وَالِاسْتِفْهَامُ إِنْكَارِيٌّ، أَيْ لَا شَيْءَ لَكُمْ فِي حَالِ لَا تُقَاتِلُونَ، وَالْمُرَادُ أَنَّ الَّذِي هُوَ لَكُمْ هُوَ أَنْ تُقَاتِلُوا، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ أَمْرٍ، أَيْ قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَصُدُّكُمْ شَيْءٌ عَنِ الْقِتَالِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبٌ مِنْهُ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى: قالُوا وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [246] .
وَمَعْنَى فِي سَبِيلِ اللَّهِ لِأَجْلِ دِينِهِ وَلِمَرْضَاتِهِ، فَحَرْفُ (فِي) لِلتَّعْلِيلِ، وَلِأَجْلِ الْمُسْتَضْعَفِينَ، أَيْ لِنَفْعِهِمْ وَدَفْعِ الْمُشْرِكِينَ عَنْهُمْ.
وَ (الْمُسْتَضْعَفُونَ) الَّذِينَ يَعُدُّهُمُ النَّاس ضعفاء، و (فَالسِّينُ وَالتَّاءُ لِلْحُسْبَانِ، وَأَرَادَ بِهِمْ مَنْ بَقِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَكَّةَ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِينَ مَنَعَهُمُ الْمُشْرِكُونَ مِنَ الْهِجْرَةِ بِمُقْتَضَى الصُّلْحِ الَّذِي

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 122
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست