responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 115
وَمِمَّا دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَيْرِ خَيْرُ الدُّنْيَا، وَبِالتَّثْبِيتِ التَّثْبِيتُ فِيهَا، قَوْلُهُ عَاطِفًا عَلَيْهِ وَإِذاً لَآتَيْناهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً.
وَجُمْلَةُ وَإِذاً لَآتَيْناهُمْ مِنْ لَدُنَّا مَعْطُوفَةٌ عَلَى جَوَابِ (لَوْ) ، وَالتَّقْدِيرُ: لَكَانَ خَيْرًا وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا وَلَآتَيْنَاهُمْ إِلَخْ، وَوُجُودُ اللَّامِ الَّتِي تَقَعُ فِي جَوَابِ (لَوْ) مُؤْذِنٌ بِذَلِكَ. وَأَمَّا وَاوُ الْعَطْفِ فَلِوَصْلِ الْجُمْلَةِ الْمَعْطُوفَةِ بِالْجُمْلَةِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهَا. وَأَمَّا (إِذَنْ) فَهِيَ حَرْفُ جَوَابٍ
وَجَزَاءٍ، أَيْ فِي مَعْنَى جَوَابٍ لِكَلَامٍ سَبَقَهَا وَلَا تَخْتَصُّ بِالسُّؤَالِ، فَأُدْخِلَتْ فِي جَوَابِ (لَوْ) بِعَطْفِهَا عَلَى الْجَوَابِ تَأْكِيدًا لِمَعْنَى الْجَزَاءِ، فَقَدْ أُجِيبَتْ (لَوْ) فِي الْآيَةِ بِجَوَابَيْنِ فِي الْمَعْنَى لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَى الْجَوَابِ جَوَابٌ، وَلَا يَحْسُنُ اجْتِمَاعُ جَوَابَيْنِ إِلَّا بِوُجُودِ حَرْفِ عَطْفٍ.
وَقَرِيبٌ مِمَّا فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُ الْعَنْبَرِيِّ فِي الْحَمَاسَةِ:
لَوْ كُنْتُ مِنْ مَازِنٍ لَمْ تَسْتَبِحْ إِبِلِي ... بَنُو اللَّقِيطَةِ مِنْ ذُهْلِ بْنِ شِيبَانَا

إِذَنْ لَقَامَ بِنَصْرِي مَعْشَرٌ خُشُنٌ ... عِنْدَ الْحَفِيظَةِ إِنْ ذُو لَوْثَةٍ لَانَا
قَالَ الْمَرْزُوقِيُّ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ (إِذَنْ لَقَامَ) جَوَابَ: (لَوْ كُنْتَ مِنْ مَازِنٍ) فِي الْبَيْتِ السَّابِقِ كَأَنَّهُ أُجِيبَ بِجَوَابَيْنِ. وَجَعَلَ الزَّمَخْشَرِيُّ قَوْلَهُ: وَإِذاً لَآتَيْناهُمْ جَوَابَ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ، كَأَنَّهُ: قِيلَ وَمَاذَا يَكُونُ لَهُمْ بَعْدَ التَّثْبِيتِ، فَقِيلَ: وَإِذَنْ لآتيناهم. قَالَ التَّفْتَازَانِيّ:
«عَلَى أَنَّ الْوَاوَ لِلِاسْتِئْنَافِ» ، أَيْ لِأَنَّ الْعَطْفَ يُنَافِي تَقْدِيرَ سُؤَالٍ. وَالْحَقُّ أَنَّ مَا صَارَ إِلَيْهِ فِي «الْكَشَّافِ» تَكَلُّفٌ لَا دَاعِيَ إِلَيْهِ إِلَّا الْتِزَامَ كَوْنِ (إِذَنْ) حَرْفًا لِجَوَابِ سَائِلٍ، وَالْوَجْهُ أَنَّ الْجَوَابَ هُوَ مَا يُتَلَقَّى بِهِ كَلَامٌ آخَرُ سَوَاءً كَانَ سُؤَالًا أَوْ شَرْطًا أَوْ غَيْرَهُمَا.
وَقَوْلُهُ: وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً أَيْ لَفَتَحْنَا لَهُمْ طُرُقَ الْعِلْمِ وَالْهِدَايَةِ، لِأَنَّ تَصَدِّيَهُمْ لِامْتِثَالِ مَا أُمِرُوا بِهِ هُوَ مَبْدَأُ تَخْلِيَةِ النُّفُوسِ عَنِ التَّعَلُّقِ بِأَوْهَامِهَا وَعَوَائِدِهَا الْحَاجِبَةِ لَهَا عَنْ دَرَكِ الْحَقَائِق، فَإِذا ابتدأوا يَرْفُضُونَ هَذِهِ الْمَوَاقِعَ فَقَدِ اسْتَعَدُّوا لِتَلَقِّي الْحِكْمَةِ وَالْكَمَالَاتِ النَّفْسَانِيَّةِ فَفَاضَتْ عَلَيْهِمُ الْمَعَارِفُ تَتْرَى بِدَلَالَةِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ وَبِتَيْسِيرِ اللَّهِ صَعْبَهَا بِأَنْوَارِ الْهِدَايَةِ وَالتَّوْفِيقِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الطَّاعَةَ مِفْتَاحُ الْمَعَارِفِ بَعْدَ تعَاطِي أَسبَابهَا.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 115
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست