responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 110
اسْتَفَاقُوا حِينَئِذٍ مِنْ غُلَوَائِهِمْ لَعَلِمُوا أَنَّ إِرَادَتَهُمْ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الْكُفَّارِ وَالْكَهَنَةِ جَرِيمَةٌ يَجِبُ الِاسْتِغْفَارُ مِنْهَا وَلَكِنَّهُمْ أَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا. وَفِي ذِكْرِ (لَوْ) وَجَعْلِ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً جَوَابًا لَهَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُمْ لَمَّا لَمْ يَفْعَلُوا فَقَدْ حُرِمُوا الْغُفْرَانَ.
وَكَانَ فِعْلُ هَذَا الْمُنَافِقِ ظُلْمًا لِنَفْسِهِ. لِأَنَّهُ أَقْحَمَهَا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ، فَجَرَّ لَهَا عِقَابَ الْآخِرَةِ وَعَرَّضَهَا لِمَصَائِبِ الِانْتِقَامِ فِي العاجلة.
[65]

[سُورَة النِّسَاء (4) : آيَة 65]
فَلا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً (65)
تَفْرِيعٌ عَنْ قَوْلِهِ: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ [النِّسَاء: 60] وَمَا بَعْدَهُ إِذْ تَضَمَّنَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ مُؤْمِنُونَ، فَكَانَ الزَّعْمُ إِشَارَةً إِلَى انْتِفَاءِ إِيمَانِهِمْ، ثُمَّ أُرْدِفَ بِمَا هُوَ أَصْرَحُ وَهُوَ أَنَّ أَفْعَالَهُمْ تُنَافِي كَوْنَهُمْ مُؤْمِنِينَ بِقَوْلِهِ: لَا يُؤْمِنُونَ، وَأَكَّدَهُ بِالْقَسَمِ وَبِالتَّوْكِيدِ اللَّفْظِيِّ.
وأصل الْكَلَام: فو ربّك لَا يُؤْمِنُونَ، وَالْعَرَبُ تَأْتِي بِحَرْفِ النَّفْيِ قَبْلَ الْقَسَمِ إِذَا كَانَ جَوَابُ الْقَسَمِ مَنْفِيًّا لِلتَّعْجِيلِ بِإِفَادَةِ أَنَّ مَا بَعْدَ حَرْفِ الْعَطْفِ قَسَمٌ عَلَى النَّفْيِ لِمَا تَضَمَّنَتْهُ الْجُمْلَةُ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهَا، فَتَقْدِيمُ النَّفْيِ لِلِاهْتِمَامِ بِالنَّفْيِ، كَقَوْلِ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ:
فَلَا وَاللَّهِ أَشْرَبُهَا صَحِيحًا ... وَلَا أُشْفَى بِهَا أَبَدًا سَقِيمَا
وَيَكْثُرُ أَنْ يَأْتُوا مَعَ حَرْفِ النَّفْيِ بَعْدَ الْعَاطِفِ بِحَرْفِ نَفْيٍ مِثْلِهِ فِي الْجَوَابِ لِيَحْصُلَ مَعَ الِاهْتِمَامِ التَّأْكِيدُ، كَمَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَهُوَ الِاسْتِعْمَالُ الْأَكْثَرُ، وَلَمْ أَرَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ تَقْدِيمَ (لَا) عَلَى حَرْفِ الْعَطْفِ إِبْطَالًا لِلْكَلَامِ السَّابِقِ، وَوَقَعَ فِي قَوْلِ أَبِي تَمَّامٍ:
لَا وَالَّذِي هُوَ عَالِمٌ أَنَّ النَّوَى ... صَبْرٌ وَأَنَّ أَبَا الْحُسَيْنِ كَرِيمُ
وَلَيْسَتْ (لَا) هَذِهِ هِيَ الَّتِي تَرِدُ مَعَ فِعْلِ الْقَسَمِ مَزِيدَةً وَالْكَلَامُ مَعَهَا عَلَى الْإِثْبَاتِ، نَحْوَ لَا أُقْسِمُ [الْقِيَامَة: 1] وَفِي غَيْرِ الْقسم نَحْو لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ [الْحَدِيد: 29] ، لِأَنَّ تِلْكَ لَيْسَ الْكَلَامُ مَعَهَا

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 110
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست