responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 89
قَدْ أَبْطَلَ جِهَادَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ إِلَّا أَنْ يَتُوبَ» ، قَالَتْ: فَقُلْتُ لَهَا: «أَرَأَيْتِ إِنْ لَمْ آخُذْ إِلَّا رَأْسَ مَالِي» قَالَتْ:
«فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ» فَجَعَلَتْهُ عَائِشَةُ مِنَ الرِّبَا وَلِذَلِكَ تَلَتِ الْآيَةَ.
فَلِأَجْلِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ السِّتَّةِ أَثْبَتَ الْفُقَهَاءُ ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ لِلرِّبَا فِي اصْطِلَاحِ الشَّرْعِ:
الْأَوَّلُ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ وَهُوَ زِيَادَةٌ عَلَى الدَّيْنِ لِأَجْلِ التَّأْخِيرِ.
الثَّانِي رِبَا الْفَضْلِ وَهُوَ زِيَادَة فِي أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ فِي بَيْعِ الصِّنْفِ بِصِنْفِهِ مِنَ الْأَصْنَافِ الْمَذْكُورَةِ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ.
الثَّالِثُ رِبَا النَّسِيئَةِ وَهُوَ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْأَصْنَافِ بِمِثْلِهِ مُؤَخَّرًا. وَزَادَ الْمَالِكِيَّةُ نَوْعًا رَابِعًا: وَهُوَ مَا يؤول إِلَى وَاحِدٍ مِنَ الْأَصْنَافِ بِتُهْمَةِ التَّحَيُّلِ عَلَى الرِّبَا، وَتَرْجَمَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِبُيُوعِ الْآجَالِ، وَدَلِيلُ مَالِكٍ فِيهِ حَدِيثُ الْعَالِيَةِ. وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ لَفْظَ الرِّبَا يَشْمَلُ كُلَّ بَيْعٍ فَاسِدٍ أَخْذًا مِنْ حَدِيثِ فِي تَحْرِيمِ تِجَارَةِ الْخَمْرِ، وَإِلَيْهِ مَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ.
وَعِنْدِي أَنَّ أَظْهَرَ الْمَذَاهِبِ فِي هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَنَّ أَحَادِيثَ رِبَا الْفَضْلِ تُحْمَلُ عَلَى حَدِيثِ أُسَامَةَ «إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ» لِيُجْمَعَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ، وَتَسْمِيَةُ التَّفَاضُلِ بِالرِّبَا فِي حَدِيثَيْ أَبِي سَعِيدٍ وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ دَلِيلٌ عَلَى مَا قُلْنَاهُ، وَأَنَّ مَا رَاعَاهُ مَالِكٌ مِنْ إِبْطَالِ مَا يُفْضِي إِلَى تَعَامُلِ الرِّبَا إِنْ صَدَرَ مِنْ مَوَاقِعِ التُّهْمَةِ رَعْيٌ حَسَنٌ، وَمَا عَدَاهُ إِغْرَاقٌ فِي الِاحْتِيَاطِ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ بَعْضِ أَقْوَالِ مَالِكٍ فِي «الْمُوَطَّأِ» وَغَيْرِهِ أَنَّ انْتِفَاءَ التُّهْمَةِ لَا يُبْطِلُ الْعَقْدَ.
وَلَا مُتَمَسَّكَ فِي نَحْوِ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ فِي أَمْرِهِمُ الْأَوَّلِ كَانُوا قَرِيبِي عَهِدٍ بِرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ، فَكَانَ حَالُهُمْ مُقْتَضِيًا لِسَدِّ الذَّرَائِعِ.
وَفِي «تَفْسِيرِ الْقُرْطُبِيِّ» : كَانَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ مُتَفَاضِلًا إِنَّمَا وَرَدَ فِي الدِّينَارِ الْمَضْرُوبِ وَالدِّرْهَمِ الْمَضْرُوبِ لَا فِي التِّبْرِ وَلَا فِي الْمَصُوغِ،
فَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: غَزَوْنَا وَعَلَى النَّاسِ مُعَاوِيَةُ فَغَنِمْنَا غَنَائِمَ كَثِيرَةً، فَكَانَ فِيمَا غَنِمْنَا آنِيَةٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَأَمَرَ مُعَاوِيَةُ رِجَالًا بِبَيْعِهَا فِي أُعْطِيَاتِ النَّاسِ، فَتَنَازَعَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ فَقَامَ فَقَالَ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 89
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست