responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 79
وَهِيَ الْمُعَامَلَةُ بِالرِّبَا الَّذِي لَقَّبَهُ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ، وَهُوَ أَنْ يُعْطِيَ الْمَدِينُ مَالًا لِدَائِنِهِ زَائِدًا عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ لِأَجْلِ الِانْتِظَارِ، فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَلَمْ يَدْفَعْ زَادَ فِي الدَّيْنِ، يَقُولُونَ: إِمَّا أَنْ تَقْضِيَ وَإِمَّا أَنْ تُرْبِيَ. وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ شَائِعًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَذَا قَالَ الْفُقَهَاءُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَأْخُذُونَ الرِّبَا عَلَى الْمَدِينِ من وَقت إسلافه وَكُلَّمَا طَلَبَ النَّظْرَةَ أَعْطَى رِبًا آخَرَ، وَرُبَّمَا تَسَامَحَ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ. وَكَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مُشْتَهِرًا بِالْمُرَابَاةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ،
وَجَاءَ فِي خطْبَة حجّة الْوَدَاعِ «أَلَا وَإِنَّ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ وَإِنَّ أَوَّلَ رِبًا أَبْدَأُ بِهِ رِبَا عَمِّي عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ» .
وَجُمْلَةُ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا اسْتِئْنَافٌ، وَجِيءَ بِالْمَوْصُولِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى عِلَّةِ بِنَاءِ الْخَبَرِ وَهُوَ قَوْلُهُ: لَا يَقُومُونَ إِلَى آخِرِهِ.
وَالْأَكْلُ فِي الْحَقِيقَةِ ابْتِلَاعُ الطَّعَامِ، ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِالشَّيْءِ وَأَخْذِهِ بِحِرْصٍ، وَأَصْلُهُ تَمْثِيلٌ، ثُمَّ صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً فَقَالُوا: أَكَلَ مَالَ النَّاسِ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى [النِّسَاء: 10]- أَلا تَأْكُلُونَ مَا لَكُمْ [الصافات: 91، 92] ، وَلَا يَخْتَصُّ بِأَخْذِ الْبَاطِلِ فَفِي الْقُرْآنِ فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً [النِّسَاء: 4] .
وَالرِّبَا: اسْمٌ عَلَى وَزْنِ فِعَلٍ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ لَعَلَّهُمْ خَفَّفُوهُ مِنَ الرِّبَاءِ- بِالْمَدِّ- فَصَيَّرُوهُ اسْمَ مَصْدَرٍ، لِفِعْلِ رَبَا الشَّيْءُ يَرْبُو رَبْوًا- بِسُكُونِ الْبَاءِ عَلَى الْقِيَاسِ كَمَا فِي «الصِّحَاحِ» وَبِضَمِّ الرَّاءِ وَالْبَاءِ كَعُلُوٍّ- وَرِبَاءٌ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَبِالْمَدِّ مِثْلُ الرِّمَاءِ إِذَا زَادَ قَالَ تَعَالَى: فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ [الرّوم: 39] ، وَقَالَ: اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ [الْحَج: 5] ،- وَلِكَوْنِهِ مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ ثُنِّيَ عَلَى رَبَوَانِ. وَكُتِبَ بِالْأَلِفِ، وَكَتَبَهُ بَعْضُ الْكُوفِيِّينَ بِالْيَاءِ نَظَرًا لِجَوَازِ الْإِمَالَةِ فِيهِ لِمَكَانِ كَسْرَةِ الرَّاءِ [1] ثُمَّ ثَنَّوْهُ بِالْيَاءِ لِأَجْلِ الْكَسْرَةِ أَيْضًا- قَالَ الزَّجَّاجُ: مَا رَأَيْتُ خَطَأً أَشْنَعَ مِنْ هَذَا، أَلَا يَكْفِيهِمُ الْخَطَأُ فِي الخطّ حَتَّى أخطؤوا فِي التَّثْنِيَةِ كَيفَ وهم يقرؤون وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا [الرّوم: 39]- بِفَتْحَةٍ عَلَى الْوَاوِ- فِي أَمْوالِ النَّاسِ [الرّوم: 39] يُشِيرُ إِلَى قِرَاءَةِ عَاصِمٍ وَالْأَعْمَشِ، وَهُمَا كُوفِيَّانِ، وَبِقِرَاءَتِهِمَا يَقْرَأُ أَهْلُ الْكُوفَةِ.

[1] من الْعَرَب من جعل الرَّاء الْمَكْسُورَة فِي الْكَلِمَة ذَات الْألف المنقلبة عَن وَاو تجوز إمالتها سَوَاء تقدّمت الرَّاء نَحْو رَبًّا أم تَأَخَّرت نَحْو دَار.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 79
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست