responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 75
وَجُمْلَةُ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ حَالًا، وَأَنْ تَكُونَ بَيَانًا لِجُمْلَةِ أُحْصِرُوا.
وَقَوْلُهُ: يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ حَالٌ مِنَ الْفُقَرَاءِ، أَيِ الْجَاهِلُ بِحَالِهِمْ مِنَ الْفَقْرِ يَظُنُّهُمْ أَغْنِيَاءَ، وَمن لِلِابْتِدَاءِ لِأَنَّ التَّعَفُّفَ مبدأ هَذَا الحسبان.
وَالتَّعَفُّفُ تَكَلُّفُ الْعَفَافِ وَهُوَ النَّزَاهَةُ عَمًّا يَلِيقُ.
وَفِي «الْبُخَارِيِّ» بَابُ الِاسْتِعْفَافِ عَنِ الْمَسْأَلَةِ، أَخْرَجَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ: أَنَّ الْأَنْصَارَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ، حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ فَقَالَ: «مَا يَكُونُ عِنْدِي مَنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ
يَسْتَعْفِفْ يُعِفُّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ»
. وَقَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ وَيَعْقُوبُ يَحْسِبُهُمْ بِكَسْرِ السِّينِ وَقَرَأَهُ الْبَاقُونَ بِفَتْحِ السِّينِ، وَهُمَا لُغَتَانِ.
وَمَعْنَى تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ أَيْ بِعَلَامَةِ الْحَاجَةِ وَالْخِطَابُ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ لِيَعُمَّ كُلَّ مُخَاطَبٍ، وَلَيْسَ لِلرَّسُولِ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بحالهم. والمخاطب بتعرفهم هُوَ الَّذِي تَصَدَّى لِتَطَلُّعِ أَحْوَالِ الْفُقَرَاءِ، فَهُوَ الْمُقَابِلُ لِلْجَاهِلِ فِي قَوْلِهِ: يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ.
وَالْجُمْلَةُ بَيَانٌ لِجُمْلَةِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ، كأنّه قيل: فبمَاذَا تَصِلُ إِلَيْهِمْ صَدَقَاتُ الْمُسْلِمِينَ إِذَا كَانَ فَقْرُهُمْ خَفِيًّا، وَكَيْفَ يَطَّلِعُ عَلَيْهِمْ فَأُحِيلَ ذَلِكَ عَلَى مَظِنَّةِ الْمُتَأَمِّلِ كَقَوْلِهِ: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ [الْحجر: 75] .
وَالسِّيمَا الْعَلَّامَةُ، مُشْتَقَّةٌ مِنْ سَامَ الَّذِي هُوَ مَقْلُوبُ وَسَمَ، فَأَصْلُهَا وِسْمَى، فَوَزْنُهَا عِفْلَى، وَهِيَ فِي الصُّورَةِ فِعْلَى، يَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُهُمْ سِمَةٌ فَإِنَّ أَصْلَهَا وَسْمَةٌ. وَيَقُولُونَ سِيمَى بِالْقَصْرِ وَسِيمَاءُ بِالْمَدِّ وَسِيمِيَاءُ بِزِيَادَةِ يَاءٍ بَعْدَ الْمِيمِ وَبِالْمَدِّ، وَيَقُولُونَ سَوَّمَ إِذَا جَعَلَ سِمَةً.
وَكَأَنَّهُمْ إِنَّمَا قَلَبُوا حُرُوفَ الْكَلِمَةِ لِقَصْدِ التَّوَصُّلِ إِلَى التَّخْفِيفِ بِهَذِهِ الْأَوْزَانِ لِأَنَّ قَلْبَ عَيْنِ الْكَلِمَةِ مُتَأَتٍّ بِخِلَافِ قَلْبِ فَائِهَا. وَلَمْ يُسْمَعْ مِنْ كَلَامِهِمْ فِعْلٌ مُجَرَّدٌ مِنْ سَوَّمَ الْمقْلُوبِ، وَإِنَّمَا سُمِعَ مِنْهُ فِعْلٌ مُضَاعَفٌ فِي قَوْلِهِمْ سَوَّمَ فَرَسَهُ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 75
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست