responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 53
وَ (الْأُكْلُ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْكَافِ وَبِضَمِّ الْكَافِ أَيْضًا، وَقَدْ قِيلَ إِنَّ كُلَّ فُعْلٍ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فَهُوَ مُخَفَّفُ فُعُلٍ كَعُنْقٍ وَفُلْكٍ وَحُمْقٍ، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ مَا يُؤْكَلُ وَشَاعَ فِي ثِمَارِ الشَّجَرِ قَالَ تَعَالَى: ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ [سبإ: 16] وَقَالَ: تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها [إِبْرَاهِيم: 25] ، وَقَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَأَبُو جَعْفَرٍ وَيَعْقُوبُ «أُكْلَهَا» بِسُكُونِ الْكَافِ، وَقَرَأَهُ ابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَعَاصِمٌ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ بِضَمِّ الْكَافِ.
وَقَوْلُهُ: «ضِعْفَيْنِ» التَّثْنِيَةُ فِيهِ لِمُجَرَّدِ التَّكْرِيرِ- مِثْلُ لَبَّيْكَ- أَيْ آتَتْ أُكُلَهَا مُضَاعَفًا عَلَى تَفَاوُتِهَا.
وَقَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ، أَيْ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا مَطَرٌ غَزِيرٌ كَفَاهَا مَطَرٌ قَلِيلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا دُونَ الضِّعْفَيْنِ. وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِنْفَاقَ لِابْتِغَاءِ مَرْضَاةِ اللَّهِ لَهُ ثَوَابٌ عَظِيمٌ، وَهُوَ- مَعَ ذَلِكَ- مُتَفَاوِتٌ عَلَى تَفَاوُتِ مِقْدَارِ الْإِخْلَاصِ فِي الِابْتِغَاءِ وَالتَّثْبِيتِ كَمَا تَتَفَاوَتُ أَحْوَالُ الْجَنَّاتِ الزَّكِيَّةِ فِي مِقْدَارِ زَكَائِهَا وَلَكِنَّهَا لَا تخيب صَاحبهَا.
[266]

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 266]
أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَأَصابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفاءُ فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (266)
اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ أَثَارَهُ ضَرْبُ الْمَثَلِ الْعَجِيبِ لِلْمُنْفِقِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ، وَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرُبْوَةٍ إِلَى آخِرِ مَا وُصِفَ مِنَ الْمَثَلَيْنِ. وَلَمَّا أُتْبِعَ بِمَا يُفِيدُ أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ لِلْمُنْفِقِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى، ثُمَّ أُتْبِعَ بِالنَّهْيِ عَنْ أَنْ يُتْبِعُوا صَدَقَاتِهِمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى، اسْتَشْرَفَتْ نَفْسُ السَّامِعِ لِتَلَقِّي مَثَلٍ لَهُمْ يُوَضِّحُ حَالَهُمُ الذَّمِيمَةَ كَمَا ضُرِبَ الْمَثَلُ لِمَنْ كَانُوا بِضِدِّ حَالِهِمْ فِي حَالَةٍ مَحْمُودَةٍ.
ضَرَبَ اللَّهُ هَذَا مَثَلًا لِمُقَابِلِ مَثَلِ النَّفَقَةِ لِمَرْضَاةِ اللَّهِ وَالتَّصْدِيقِ وَهُوَ نَفَقَةُ الرِّئَاءِ، وَوَجْهُ الشَّبَهِ هُوَ حُصُولُ خَيْبَةٍ وَيَأْسٍ فِي وَقْتِ تَمَامِ الرَّجَاءِ وَإِشْرَافِ الْإِنْتَاجِ، فَهَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ:

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 53
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست