responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 306
الَّتِي قَبْلَهَا: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ [آل عمرَان: 90] لِأَنَّهُمْ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ وَلَمْ يَمُوتُوا كَافِرِينَ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُمْ، بِخِلَافِ الَّذِينَ يَمُوتُونَ عَلَى الْكُفْرِ فَسَبَبُ عَدَمِ قَبُولِ التَّوْبَةِ مِنْهُمْ مُصَرَّحٌ بِهِ، وَعَلَيْهِ فَجُمْلَةُ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ إِلَى آخِرِهَا فِي مَوْضِعِ خَبَرِ (إِنَّ) وَجُمْلَةُ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا نَاشِئًا عَنِ الْإِخْبَارِ بِأَنَّهُ لَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ فِدْيَةٌ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ جُمْلَةُ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ إِلَى آخِرِهَا مُعْتَرِضَةً بَيْنَ اسْمِ (إِنَّ) وَخَبَرِهَا مُقْتَرِنَةً بِالْفَاءِ كَالَّتِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ذلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكافِرِينَ عَذابَ النَّارِ [الْأَنْفَال: 14] وَتَكُونُ جُمْلَةُ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ خَبَرَ (إِنَّ) .
وَمَعْنَى فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً لَنْ يُقْبَلَ مِنْهُمْ بِشَيْءٍ يَفْتَدُونَ بِهِ فِي الْآخِرَةِ لِظُهُورِ أَنْ لَيْسَ الْمُرَادُ نَفْيَ قَبُولِ الِافْتِدَاءِ فِي الدُّنْيَا ضَرُورَةً أَنَّهُمْ وُصِفُوا بِأَنَّهُمْ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ. وَالْمِلْءُ- بِكَسْرِ الْمِيمِ- مَا يَمْلَأُ وِعَاءً، وَمِلْءُ الْأَرْضِ فِي كَلَامِهِمْ كِنَايَةٌ عَنِ الْكَثْرَةِ الْمُتَعَذِّرَةِ، لِأَنَّ الْأَرْضَ لَا يَمْلَؤُهَا شَيْءٌ مِنَ الْمَوْجُودَاتِ الْمُقَدَّرَةِ، وَهَذَا كَقَوْلِهِمْ عَدَدُ رِمَالِ الدَّهْنَاءِ، وَعَدَدُ الْحَصَى، وَمُيِّزَ هَذَا الْمِقْدَارُ بِذَهَبًا لِعِزَّةِ الذَّهَبِ وَتَنَافُسِ النَّاسِ فِي اقْتِنَائِهِ وَقَبُولِ حَاجَةِ مَنْ بَذَلَهُ قَالَ الْحَرِيرِيُّ:
وَقَارَنَتْ نُجْحَ الْمَسَاعِي خَطْرَتُهُ

وَقَوْلُهُ: وَلَوِ افْتَدى بِهِ جُمْلَةٌ فِي مَوْقِعِ الْحَالِ، وَالْوَاوُ وَاوُ الْحَالِ، أَيْ لَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ وَلَوْ فِي حَالِ فَرْضِ الِافْتِدَاءِ بِهِ، وَحَرْفُ (لَوْ) لِلشَّرْطِ وَحَذْفُ جَوَابِهِ لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ، وَمِثْلُ هَذَا الِاسْتِعْمَالِ شَائِعٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَلِكَثْرَتِهِ قَالَ كَثِيرٌ مِنَ النُّحَاةِ: إِنَّ لَوْ وَإِنِ الشَّرْطِيَّتَيْنِ فِي مِثْلِهِ مُجَرَّدَتَانِ عَنْ مَعْنَى الشَّرْطِ لَا يُقْصَدُ بِهِمَا إِلَّا الْمُبَالَغَةُ، وَلَقَّبُوهُمَا بِالْوَصْلِيَّتَيْنِ: أَيْ أَنَّهُمَا لِمُجَرَّدِ الْوَصْلِ وَالرَّبْطِ فِي مَقَامِ التَّأْكِيدِ. وَتَرَدَّدُوا أَيْضًا فِي إِعْرَابِ الْجُمْلَةِ الْوَاقِعَةِ هَذَا الْمَوْقِعَ، وَفِي الْوَاوِ الْمُقْتَرِنَةِ بِهَا، وَالْمُحَقِّقُونَ عَلَى أَنَّهَا وَاوُ الْحَالِ وَإِلَيْهِ مَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ، وَابْنُ جِنِّيٍّ، وَالْمَرْزُوقِيُّ. وَمِنَ النُّحَاةِ مَنْ جَعَلَ الْوَاوَ عَاطِفَةً عَلَى شَرْطٍ مَحْذُوفٍ هُوَ ضِدُّ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ: كَقَوْلِهِ تَعَالَى: كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ [النِّسَاء: 135] . وَمِنَ النُّحَاةِ مَنْ جَعَلَ الْوَاوَ لِلِاسْتِئْنَافِ، ذَكَرَهُ الرَّضِيُّ رَادًّا
عَلَيْهِ، وَلَيْسَ حَقِيقًا بِالرَّدِّ: فَإِنَّ لِلِاسْتِئْنَافِ الْبَيَانِيِّ مَوْقِعًا مَعَ هَذِهِ الْوَاوِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 306
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست