responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 296
وَفِعْلُهُ مِنْ بَابِ نَصَرَ، وَمَصْدَرُهُ فِي غَالِبِ مَعَانِيهِ الدَّرْسُ، وَمَصْدَرُ دَرَسَ بِمَعْنَى قَرَأَ يَجِيءُ عَلَى الْأَصْلِ دَرْسًا وَمِنْهُ سُمِّيَ تَعْلِيمُ الْعِلْمِ دَرْسًا.
وَيَجِيءُ عَلَى وَزْنِ الْفِعَالَةِ دِرَاسَةٌ وَهِيَ زِنَةٌ تَدُلُّ عَلَى مُعَالَجَةِ الْفِعْلِ، مِثْلَ الْكِتَابَةِ وَالْقِرَاءَةِ، إِلْحَاقًا لِذَلِكَ بِمَصَادِرِ الصِّنَاعَاتِ كَالتِّجَارَةِ وَالْخِيَاطَةِ.
وَفِي قَوْلِهِ: وَلا يَأْمُرَكُمْ الْتِفَاتٌ مِنَ الْغَيْبَةِ إِلَى الْخِطَابِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ «يَأْمُرُكُمْ» بِالرَّفْعِ عَلَى ابْتِدَاءِ الْكَلَامِ، وَهَذَا الْأَصْلُ فِيمَا إِذَا أُعِيدَ حَرْفُ النَّفْيِ، فَإِنَّهُ لَمَّا وَقَعَ بَعْدَ فِعْلٍ مَنْفِيٍّ، ثُمَّ انْتَقَضَ نَفْيُهُ بِلَكِنْ، احْتِيجَ إِلَى إِعَادَةِ حَرْفِ النَّفْيِ، وَالْمَعْنَى عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ وَاضِحٌ: أَيْ مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا إِلَخْ وَلَا هُوَ يَأْمُرُهُمْ أَنْ يَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ أَرْبَابًا. وَقَرَأَهُ ابْنُ عَامِرٍ، وَحَمْزَةُ وَيَعْقُوبُ، وَخَلَفٌ: بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى أَنْ يَقُولَ وَلَا زَائِدَةٌ لِتَأْكِيدِ النَّفْيِ الَّذِي فِي قَوْلِهِ: مَا كانَ لِبَشَرٍ، وَلَيْسَتْ مَعْمُولَةً لِأَنْ: لِاقْتِضَاءِ ذَلِكَ أَنْ يَصِيرَ الْمَعْنَى: لَا يَنْبَغِي لِبَشَرٍ أُوتِيَ الْكِتَابَ أَلَا يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا، وَالْمَقْصُودُ عَكْسُ هَذَا الْمَعْنَى، إِذِ الْمَقْصُودُ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْمُرَ، فَلِذَلِكَ اضْطُرَّ فِي تَخْرِيجِ هَذِهِ الْقِرَاءَةِ إِلَى جَعْلِ لَا زَائِدَةً لِتَأْكِيدِ النَّفْيِ وَلَيْسَتْ لِنَفْيٍ جَدِيدٍ. وَقَرَأَهُ الدُّورِيُّ عَنْ أَبِي عَمْرٍو بِاخْتِلَاسِ الضَّمَّةِ إِلَى السُّكُونِ.
وَلَعَلَّ الْمَقْصُودَ مِنْ قَوْلِهِ: وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً: أَنَّهُمْ لَمَّا بَالَغُوا فِي تَعْظِيمِ بَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ، فَصَوَّرُوا صُوَرَ النَّبِيئِينَ، مِثْلَ يَحْيَى وَمَرْيَمَ، وَعَبَدُوهُمَا، وَصَوَّرُوا صور الْمَلَائِكَة، واقتران التَّصْوِيرُ مَعَ الْغُلُوِّ فِي تَعْظِيمِ الصُّورَةِ وَالتَّعَبُّدِ عِنْدَهَا ضَرْبٌ مِنَ الْوَثَنِيَّةِ.
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: «إِنْ قِيلَ نَفْيُ الْأَمْرِ أَعَمُّ مِنَ النَّهْيِ فَهَلَّا قِيلَ وَيَنْهَاكُمْ. وَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ دَعْوَاهُمْ وَتَقَوُّلِهِمْ عَلَى الرُّسُلِ» . وَأَقُولُ: لَعَلَّ التَّعْبِيرَ بِلَا يَأْمُرُكُمْ مُشَاكَلَةٌ لِقَوْلِهِ:
ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ لِأَنَّهُمْ زَعَمُوا أَنَّ الْمَسِيحَ قَالَ: إِنَّهُ ابْنُ اللَّهِ فَلَمَّا نُفِيَ أَنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ نُفِيَ مَا هُوَ مِثْلُهُ وَهُوَ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِاتِّخَاذِ الْمَلَائِكَةِ أَرْبَابًا، أَوْ لِأَنَّهُمْ لَمَّا كَانُوا يَدَّعُونَ التَّمَسُّكَ بِالدِّينِ كَانَ سَائِرُ أَحْوَالِهِمْ مَحْمُولَةً عَلَى أَنَّهُمْ تَلَقَّوْهَا مِنْهُ، أَوْ لِأَنَّ الْمَسِيحَ لَمْ يَنْهَهُمْ عَنْ
ذَلِكَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، إِذْ هَذَا مِمَّا لَا يَخْطُرُ بِالْبَالِ أَنْ تَتَلَبَّسَ بِهِ أُمَّةٌ مُتَدَيِّنَةٌ فَاقْتَصَرَ، فِي الرَّدِّ عَلَى الْأُمَّةِ، عَلَى أَنَّ أَنْبِيَاءَهُمْ لَمْ يَأْمُرُوهُمْ بِهِ وَلِذَلِكَ عَقَّبَ بِالِاسْتِفْهَامِ الْإِنْكَارِيِّ، وَبِالظَّرْفِ الْمُفِيدِ مَزِيدَ الْإِنْكَارِ عَلَى ارْتِكَابِهِمْ هَذِهِ الْحَالَةِ، وَهِيَ قَوْلُهُ: أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 296
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست