responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 184
النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالِاسْتِفْهَامُ لِلْعَرْضِ تَشْوِيقًا مِنْ نُفُوسِ الْمُخَاطَبِينَ إِلَى تَلَقِّي مَا سَيُقَصُّ عَلَيْهِمْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ [الصَّفّ: 10] الْآيَةَ.
وَقَرَأَ نَافِعٌ، وَابْنُ كثير، وَأَبُو عمر، وَأَبُو جَعْفَرٍ، وَرُوَيْسٍ عَن يَعْقُوب: أأنبئكم بِتَسْهِيلِ الْهَمْزَةِ الثَّانِيَةِ وَاوًا. وَقَرَأَهُ ابْنُ عَامِرٍ، وَحَمْزَةُ، وَعَاصِمٌ، وَالْكِسَائِيُّ، وَرَوْحٌ عَنْ يَعْقُوب، وَخلف: بتَخْفِيف الْهَمْزَتَيْنِ.
وَجُمْلَةُ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ مُسْتَأْنَفَةٌ وَهِيَ الْمُنَبَّأُ بِهِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مُتَعَلِّقًا بقوله: «خير» و «جنّات» مُبْتَدَأٌ مَحْذُوفُ الْخَبَرِ: أَيْ لَهُمْ، أَوْ خَبَرًا لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ. وَقَدْ أُلْغِيَ مَا يُقَابِلُ شَهَوَاتِ الدُّنْيَا فِي ذِكْرِ نَعِيمِ الْآخِرَةِ لِأَنَّ لَذَّةَ الْبَنِينَ وَلَذَّةَ الْمَالِ هُنَالِكَ مَفْقُودَةٌ، لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا، وَكَذَلِكَ لَذَّةُ الْخَيْلِ وَالْأَنْعَامِ إِذْ لَا دَوَابَّ فِي الْجَنَّةِ، فَبَقِيَ مَا يُقَابِلُ النِّسَاءَ وَالْحَرْثَ، وَهُوَ الْجَنَّاتُ وَالْأَزْوَاجُ، لِأَنَّ بِهِمَا تَمَامُ النَّعِيمِ وَالتَّأَنُّسِ، وَزِيدَ عَلَيْهِمَا رِضْوَانُ اللَّهِ الَّذِي حُرِمَهُ مَنْ جَعَلَ حَظَّهُ لَذَّاتِ الدُّنْيَا وَأَعْرَضَ عَنِ الْآخِرَةِ. وَمَعْنَى الْمُطَهَّرَةِ الْمُنَزَّهَةُ مِمَّا يَعْتَرِي نِسَاءَ الْبَشَرِ مِمَّا تَشْمَئِزُّ مِنْهُ النُّفُوسُ، فَالطَّهَارَةُ هُنَا حِسِّيَّةٌ لَا مَعْنَوِيَّةٌ.
وَعَطَفَ رِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ عَلَى مَا أَعَدَّ لِلَّذِينِ اتَّقَوْا عِنْدَ اللَّهِ: لِأَنَّ رِضْوَانَهُ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ النَّعِيمِ الْمَادِّيِّ لِأَنَّ رِضْوَانَ اللَّهِ تَقْرِيبٌ رُوحَانِيٌّ قَالَ تَعَالَى: وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ [التَّوْبَة: 72] .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: رِضْوانٌ- بِكَسْرِ الرَّاءِ- وَقَرَأَهُ أَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ: بِضَمِّ الرَّاءِ وَهُمَا لُغَتَانِ.
وَأَظْهَرَ اسْمَ الْجَلَالَةِ فِي قَوْلِهِ: وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ، دُونَ أَنْ يَقُولَ وَرِضْوَانٌ مِنْهُ أَيْ مِنْ رَبِّهِمْ: لِمَا فِي اسْمِ الْجَلَالَةِ مِنَ الْإِيمَاءِ إِلَى عَظَمَةِ ذَلِكَ الرِّضْوَانِ.
وَجُمْلَةُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ اعْتِرَاضٌ لِبَيَانِ الْوَعْدِ أَيْ أَنَّهُ عَلِيمٌ بِالَّذِينَ اتَّقَوْا وَمَرَاتِبِ تَقْوَاهُمْ، فَهُوَ يُجَازِيهِمْ، وَلِتَضَمُّنِ بَصِيرٌ مَعْنَى عَلِيمٍ عُدِّيَ بِالْبَاءِ. وَإِظْهَارُ اسْمِ الْجَلَالَةِ فِي قَوْلِهِ: وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ لِقَصْدِ اسْتِقْلَالِ الْجُمْلَةِ لِتَكُونَ كَالْمَثَلِ.
وَقَوْلُهُ: الَّذِينَ يَقُولُونَ عَطْفُ بَيَانٍ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا وَصَفَهُمْ بِالتَّقْوَى وَبِالتَّوَجُّهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِطَلَبِ الْمَغْفِرَةِ. وَمَعْنَى الْقَوْلِ هُنَا الْكَلَامُ الْمُطَابِقُ لِلْوَاقِعِ فِي الْخَبَرِ، وَالْجَارِي عَلَى

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 184
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست