responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 160
فَيَعْلَمُ السَّامِعُ أَنَّ إِسْنَادَ خَادِعُ إِلَى ضَمِيرِ الْجَلَالَةِ إِسْنَادٌ بِمَعْنًى مَجَازِيٍّ اقْتَضَتْهُ الْمُشَاكَلَةُ.
وَتَاسِعَتُهَا: آيَاتٌ جَاءَتْ عَلَى عَادَاتِ الْعَرَبِ، فَفَهِمَهَا الْمُخَاطَبُونَ، وَجَاءَ مَنْ بَعْدَهُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوهَا، فَظَنُّوهَا مِنَ الْمُتَشَابِهِ، مِثْلَ قَوْلِهِ: فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما [الْبَقَرَة: 158] ، فِي «الْمُوَطَّأِ» قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: «قُلْتُ لِعَائِشَةَ- وَكُنْتُ يَوْمَئِذٍ حَدَثًا لَمْ أَتَفَقَّهْ- لَا أَرَى بَأْسًا عَلَى أَحَدٍ أَلَّا يَطَّوَّفَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ» فَقَالَتْ لَهُ: «لَيْسَ كَمَا قُلْتَ إِنَّمَا كَانَ الْأَنْصَارُ يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ الطَّاغِيَةِ» إِلَخْ. وَمِنْهُ: عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ [الْبَقَرَة: 187] لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا [الْمَائِدَة: 93] الْآيَةَ فَإِنَّ الْمُرَادَ فِيمَا شَرِبُوا مِنَ الْخَمْرِ قَبْلَ تَحْرِيمِهَا.
عَاشِرَتُهَا: أَفْهَامٌ ضَعِيفَةٌ عَدَّتْ كَثِيرًا مِنَ الْمُتَشَابِهِ وَمَا هُوَ مِنْهُ، وَذَلِكَ أَفْهَامُ الْبَاطِنِيَّةِ، وَأَفْهَامُ الْمُشَبِّهَةِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ [الْقَلَم: 42] .
وَلَيْسَ مِنَ الْمُتَشَابِهِ مَا صُرِّحَ فِيهِ بِأَنَّا لَا نَصِلُ إِلَى عِلْمِهِ كَقَوْلِهِ:
قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي [الْإِسْرَاء: 85] وَلَا مَا صُرِّحَ فِيهِ بِجَهْلِ وَقْتِهِ كَقَوْلِهِ: لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً [الْأَعْرَاف:
187] .
وَلَيْسَ مِنَ الْمُتَشَابِهِ مَا دَلَّ عَلَى مَعْنًى يُعَارِضُ الْحَمْلَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ آخَرُ، مُنْفَصِلٌ عَنْهُ لِأَنَّ ذَلِكَ يَرْجِعُ إِلَى قَاعِدَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ الْمُتَعَارِضَيْنِ، أَوْ تَرْجِيحِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى خِطَابًا لِإِبْلِيسَ: وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ الْآيَةَ فِي سُورَةِ الْإِسْرَاءِ [64] مَعَ مَا فِي الْآيَاتِ الْمُقْتَضِيَةِ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ [الزمر: 7] إِنَّه لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ.
وَقَدْ عَلِمْتُمْ مِنْ هَذَا أَنَّ مِلَاكَ التَّشَابُهِ هُوَ عَدَمُ التَّوَاطُؤِ بَيْنَ الْمَعَانِي وَاللُّغَةِ: إِمَّا لِضِيقِهَا عَنِ الْمَعَانِي، وَإِمَّا لِضِيقِ الْأَفْهَامِ عَنِ اسْتِعْمَالِ اللُّغَةِ فِي الْمَعْنَى، وَإِمَّا لِتَنَاسِي بَعْضِ اللُّغَةِ، فَيَتَبَيَّنُ لَكَ أَنَّ الْإِحْكَامَ وَالتَّشَابُهَ: صِفَتَانِ لِلْأَلْفَاظِ، بِاعْتِبَارِ فَهْمِ الْمَعَانِي.
وَإِنَّمَا أَخْبَرَ عَنْ ضَمِيرِ آيَاتٍ مُحْكَمَاتٍ، وَهُوَ ضَمِيرُ جَمْعٍ، بَاسِمٍ مُفْرَدٍ لَيْسَ دَالًّا عَلَى أَجْزَاءٍ وَهُوَ أُمُّ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ صِنْفَ الْآيَاتِ الْمُحْكَمَاتِ يَتَنَزَّلُ مِنَ الْكِتَابِ مَنْزِلَةَ أُمِّهِ أَيْ أَصْلِهِ وَمَرْجِعِهِ الَّذِي يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي فَهْمِ الْكِتَابِ وَمَقَاصِدِهِ. وَالْمَعْنَى: هُنَّ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 160
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست