responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 133
إِنَّ الْجَمْعَ فِي مَدْخُولِ الْ الْجِنْسِيَّةِ صُوَرِيٌّ، وَلِذَلِكَ يُقَالُ: إِذَا دَخَلَتْ الْ الْجِنْسِيَّةُ عَلَى جَمْعٍ أَبْطَلَتْ مِنْهُ مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ، فَكَذَلِكَ كُلُّ مَا أُرِيدَ بِهِ الْجِنْسُ كَالْمُضَافِ فِي هَاتَيْنِ الْقِرَاءَتَيْنِ، وَالْإِضَافَةُ تَأْتِي لِمَا تَأْتِي لَهُ اللَّامُ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ، لَمَّا سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْقِرَاءَةِ: «كِتَابِهِ أَكْثَرُ مِنْ كُتُبِهِ- أَوِ- الْكِتَابُ أَكْثَرُ مِنَ الْكُتُبِ» فَقِيلَ أَرَادَ أَنَّ تَنَاوُلَ الْمُفْرَدِ الْمُرَادِ بِهِ الْجِنْسُ أَكْثَرُ مِنْ تَنَاوُلِ الْجَمْعِ حِينَ يُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ، لِاحْتِمَالِ إِرَادَةِ جِنْسِ الْجُمُوعِ، فَلَا يَسْرِي الْحُكْمُ لِمَا دُونَ عَدَدِ الْجَمْعِ مِنْ أَفْرَادِ الْجِنْسِ، وَلِهَذَا قَالَ صَاحِبُ «الْمِفْتَاحِ» «اسْتِغْرَاقُ الْمُفْرَدِ أَشْمَلُ مِنِ اسْتِغْرَاقِ الْجَمْعِ» . وَالْحَقُّ أَنَّ هَذَا لَا يَقْصِدُهُ الْعَرَبُ فِي نَفْيِ الْجِنْسِ وَلَا فِي اسْتِغْرَاقِهِ فِي الْإِثْبَاتِ. وَأَنَّ كَلَامَ ابْنِ عَبَّاسٍ- إِنْ صَحَّ نَقْلُهُ عَنْهُ- فَتَأْوِيلُهُ أَنَّهُ أَكْثَرُ لِمُسَاوَاتِهِ لَهُ مَعْنًى، مَعَ كَوْنِهِ أَخْصَرَ لَفْظًا، فَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالْأَكْثَرِ مَعْنَى الْأَرْجَحِ وَالْأَقْوَى.
وَقَوْلُهُ: لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ قَرَأَهُ الْجُمْهُورُ بِنُونِ الْمُتَكَلِّمِ الْمُشَارَكِ، وَهُوَ يَحْتَمِلُ الِالْتِفَاتَ: بِأَنْ يَكُونَ مِنْ مَقُولِ قَوْلٍ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ وَعُطِفَ وَقالُوا عَلَيْهِ. أَوِ النُّونُ فِيهِ لِلْجَلَالَةِ أَيْ آمَنُوا فِي حَالِ أَنَّنَا أَمَرْنَاهُمْ بِذَلِكَ، لِأَنَّنَا لَا نُفَرِّقُ فَالْجُمْلَةُ مُعْتَرِضَةٌ. وَقِيلَ: هُوَ مَقُولٌ لِقَوْلٍ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ آمَنَ لِأَنَّ الْإِيمَانَ اعْتِقَادٌ وَقَوْلٌ. وَقَرَأَهُ يَعْقُوبُ بِالْيَاءِ: عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ.
وَالتَّفْرِيقُ هُنَا أُرِيدَ بِهِ التَّفْرِيقُ فِي الْإِيمَانِ بِهِ وَالتَّصْدِيقِ: بِأَنْ يُؤْمِنَ بِبَعْضٍ وَيَكْفُرَ بِبَعْضٍ.
وَقَوْلُهُ: لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى نَظِيرِهِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [الْبَقَرَة: 136] .
وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا عَطْفٌ عَلَى آمَنَ الرَّسُولُ وَالسَّمْعُ هُنَا كِنَايَةٌ عَنِ الرِّضَا، وَالْقَبُولِ، وَالِامْتِثَالِ، وَعَكْسُهُ لَا يَسْمَعُونَ أَيْ لَا يُطِيعُونَ وَقَالَ النَّابِغَةُ:
تَنَاذَرَهَا الرَّاقُونَ مِنْ سُوءِ سَمْعِهَا

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 133
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست