responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 121
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَمَّامٍ السَّلُولِيُّ [1] :
فَلَمَّا خَشِيتُ أَظَافِيرَهُمْ ... نَجَوْتُ وَأَرْهَنْتُهُمْ مَالِكًا
وَمِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ أَنَّهُ قَالَ لعبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ: أَرْهِنُونِي أَبْنَاءَكُمْ.
وَمَعْنَى فَرِهَانٌ: أَيْ فَرِهَانٌ تُعَوَّضُ بِهَا الْكِتَابَةُ. وَوَصْفُهَا بِمَقْبُوضَةٍ إِمَّا لِمُجَرَّدِ الْكَشْفِ،
لِأَنَّ الرِّهَانَ لَا تَكُونُ إِلَّا مَقْبُوضَةً، وَإِمَّا لِلِاحْتِرَازِ عَنِ الرَّهْنِ لِلتَّوْثِقَةِ فِي الدُّيُونِ فِي الْحَضَرِ فَيُؤْخَذُ مِنَ الْإِذْنِ فِي الرَّهْنِ أَنَّهُ مُبَاحٌ فَلِذَلِكَ إِذَا سَأَلَهُ رَبُّ الدَّيْنِ أُجِيبَ إِلَيْهِ فَدَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ الرَّهْنَ تَوْثِقَةٌ فِي الدَّيْنِ.
وَالْآيَةُ دَالَّةٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الرَّهْنِ فِي السَّفَرِ بِصَرِيحِهَا. وَأَمَّا مَشْرُوعِيَّةُ الرَّهْنِ فِي الْحَضَرِ فَلِأَنَّ تَعْلِيقَهُ هُنَا عَلَى حَالِ السَّفَرِ لَيْسَ تَعْلِيقًا بِمَعْنَى التَّقْيِيدِ بَلْ هُوَ تَعْلِيقٌ بِمَعْنَى الْفَرْضِ وَالتَّقْدِيرِ، إِذَا لَمْ يُوجَدِ الشَّاهِدُ فِي السَّفَرِ، فَلَا مَفْهُومَ لِلشَّرْطِ لِوُرُودِهِ مورد بَيَان حَالَة خَاصَّةٍ لَا لِلِاحْتِرَازِ، وَلَا تُعْتَبَرُ مَفَاهِيمُ الْقُيُودِ إِلَّا إِذَا سِيقَتْ مَسَاقَ الِاحْتِرَازِ، وَلِذَا لَمْ يَعْتَدُّوا بِهَا إِذَا خَرَجَتْ مَخْرَجَ الْغَالِبِ. وَلَا مَفْهُومَ لَهُ فِي الِانْتِقَالِ عَنِ الشَّهَادَةِ أَيْضًا إِذْ قَدْ عُلِمَ مِنَ الْآيَةِ أَنَّ الرَّهْنَ مُعَامَلَةٌ لَهُمْ، فَلِذَلِكَ أُحِيلُوا عَلَيْهَا عِنْدَ الضَّرُورَةِ عَلَى مَعْنَى الْإِرْشَادِ وَالتَّنْبِيهِ.
وَقَدْ أَخَذَ مُجَاهِدٌ، وَالضَّحَّاكُ، وَدَاوُدُ الظَّاهِرِيُّ، بِظَاهِرِ الْآيَةِ مِنْ تَقْيِيدِ الرَّهْنِ بِحَالِ السَّفَرِ، مَعَ أَنَّ السُّنَّةَ أَثْبَتَتْ وُقُوعَ الرَّهْنِ مِنَ الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمن أَصْحَابه فِي الْحَضَرِ.
وَالْآيَةُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَبْضَ مِنْ مُتَمِّمَاتِ الرَّهْنِ شَرْعًا، وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الْأَحْكَامِ النَّاشِئَةِ عَنْ تَرْكِ الْقَبْضِ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: الْقَبْضُ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الرَّهْنِ، لِظَاهِرِ الْآيَةِ، فَلَوْ لَمْ يُقَارِنْ عُقْدَةَ الرَّهْنِ قَبْضٌ فَسَدَتِ الْعُقْدَةُ عِنْدَهُ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، صَاحِبُ أَبِي حَنِيفَةَ: لَا يَجُوزُ الرَّهْنُ بِدُونِ قَبْضٍ، وَتَرَدَّدَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ فِي مُفَادِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ فَقَالَ جَمَاعَةٌ: هُوَ عِنْدَهُ شَرْطٌ فِي الصِّحَّةِ كَقَوْلِِِ

[1] فِي بَاب الْأَدَب من ديوَان الحماسة.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 121
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست