responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 28  صفحه : 84
نَزَلَتْ بَعْدَ الْأَنْفَالِ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ تَخْمِيسَ الْغَنَائِمِ هُوَ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْعَمَلُ، أَيْ بِفعل النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِالْإِجْمَاعِ.
وَلَيْسَ يَبْعُدُ عِنْدِي أَنْ تَكُونَ الْقُرَى الَّتِي عَنَتْهَا آيَةُ الْحَشْرِ فُتِحَتْ بِحَالَةٍ مُتَرَدِّدَةٍ بَيْنَ مُجَرَّدِ الْفَيْءِ وَبَيْنَ الْغَنِيمَةِ، فَشُرِعَ لَهَا حُكْمٌ خَاصٌّ بِهَا، وَإِذْ قَدْ كَانَتْ حَالَتُهَا غَيْرَ مُنْضَبِطَةٍ تَعَذَّرَ أَنْ نَقِيسَ عَلَيْهَا وَنُسِخَ حُكْمُهَا وَاسْتَقَرَّ الْأَمْرُ عَلَى انْحِصَارِ الْفُتُوحِ فِي حَالَتَيْنِ: حَالَةُ الْفَيْءِ الْمُجَرَّدِ وَمَا لَيْسَ مُجَرَّدَ فَيْءٍ. وَسَقَطَ حُكْمُ آيَةِ الْحَشْرِ بِالنَّسْخِ أَوْ بِالْإِجْمَاعِ.
وَالْإِجْمَاعُ عَلَى مُخَالَفَةِ حُكْمُ النَّصِّ يُعْتَبَرُ نَاسِخًا لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ نَاسِخًا. وَعَنْ مَعْمَرٍ أَنَّهُ قَالَ:
بَلَغَنِي أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ- أَيْ آيَةَ مَا أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى - نَزَلَتْ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ.
وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ حَمَلَهَا عَلَى أَرْضِ الْكُفَّارِ إِذَا أُخِذَتْ عَنْوَةً مِثْلُ سَوَادِ الْعِرَاقِ دُونَ مَا كَانَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ غَيْرَ أَرْضٍ. كُلُّ ذَلِكَ مِنَ الْحَيْرَةِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الْآيَةِ وَآيَةِ سُورَةِ الْأَنْفَالِ مَعَ أَنَّهَا مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى هَذِهِ مَعَ مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ فِي قَضِيَّةِ حُكْمِهِ بَيْنَ الْعَبَّاسِ وَعَلِيٍّ، وَمَعَ مَا فَعَلَهُ عُمَرُ فِي سَوَادِ الْعِرَاقِ، وَقَدْ عَرَفْتَ مَوْقِعَ كُلٍّ. وَسَتَعْرِفُ وَجْهَ مَا فَعَلَهُ عُمَرُ فِي سَوَادِ الْعِرَاقِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ [الْحَشْر: 10] .
وَمن الْعُلَمَاءِ مَنْ جَعَلَ مَحْمَلَ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى الْغَنَائِمِ كُلِّهَا بِنَاءً عَلَى تَفْسِيرِهِمُ الْفَيْءَ بِمَا يُرَادِفُ الْغَنِيمَةَ. وَزَعَمُوا أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ الْأَنْفَالِ. وَتَقَدَّمَ مَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ ذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى فِي عِدَادِ مَنْ لَهُمُ الْمَغَانِمُ وَالْفَيْءُ وَالْأَصْنَافُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ تَقَدَّمَ بَيَانُهَا فِي سُورَة الْأَنْفَال.
وكَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً إِلَخْ تَعْلِيلٌ لِمَا اقْتَضَاهُ لَامُ التَّمْلِيكِ مِنْ جَعْلِهِ مِلْكًا لِأَصْنَافٍ كَثِيرَةِ الْأَفْرَادِ، أَيْ جَعَلْنَاهُ مَقْسُومًا عَلَى هَؤُلَاءِ لِأَجْلِ أَنْ لَا يَكُونَ الْفَيْءُ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ
مِنَ الْمُسْلِمِينَ، أَيْ لِئَلَّا يَتَدَاوَلَهُ الْأَغْنِيَاءُ وَلَا يَنَالُ أَهْلَ الْحَاجَةِ نَصِيبٌ مِنْهُ.
وَالْمَقْصُودُ مِنْ ذَلِكَ. إِبْطَالُ مَا كَانَ مُعْتَادا فِي الْعَرَبِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ مِنَ اسْتِئْثَارِ قَائِدِ الْجَيْشِ بِأُمُورٍ مِنَ الْمَغَانِمِ وَهِيَ: الْمِرْبَاعُ، وَالصَّفَايَا، وَمَا صَالَحَ عَلَيْهِ عَدُوَّهُ دُونَ قِتَالٍ، وَالنَّشِيطَةُ، وَالْفُضُولُ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 28  صفحه : 84
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست