responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 28  صفحه : 61
الْخَاسِرُونَ، مِمَّا يَسْتَشْرِفُ بَعْدَهُ
السَّامِعُ إِلَى مَا سَيُخْبَرُ بِهِ عَنِ الْمُتَّصِفِينَ بِضِدِّ ذَلِكَ. وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ لَا يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ الله وَرَسُوله ص.
وَكِتَابَةُ الْإِيمَانِ فِي الْقُلُوبِ نَظِيرُ قَوْلِهِ: كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي [المجادلة: 21] .
وَهِيَ التَّقْدِيرُ الثَّابِتُ الَّذِي لَا تَتَخَلَّفُ آثَارُهُ، أَيْ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا الَّذِينَ زَيَّنَ اللَّهُ الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِهِمْ فَاتَّبَعُوا كَمَالَهُ وسلكوا شعبه.
والتأييد: التَّقْوِيَةُ وَالنَّصْرُ. وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [87] ، أَيْ إِنَّ تَأْيِيدَ اللَّهِ إِيَّاهُمْ قَدْ حَصَلَ وَتَقَرَّرَ بِالْإِتْيَانِ بِفِعْلِ الْمُضِيِّ لِلدِّلَالَةِ عَلَى الْحُصُولِ وَعَلَى التَّحَقُّقِ وَالدَّوَامِ فَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَيَيْهِ.
وَالرُّوحُ هُنَا: مَا بِهِ كَمَالُ نَوْعِ الشَّيْءِ مِنْ عَمَلٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَرُوحٌ مِنَ اللَّهِ: عِنَايَتُهُ وَلُطْفُهُ. وَمَعَانِيَ الرُّوحِ فِي قَوْله تَعَالَى: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ فِي سُورَةِ الْإِسْرَاءِ [85] ، وَوَعَدَهُمْ بِأَنَّهُ يُدْخِلُهُمْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ الْجَنَّاتِ خَالِدِينَ فِيهَا.
وَرَضِي اللَّهُ عَنْهُمْ حَاصِلٌ مِنَ الْمَاضِي وَمُحَقَّقُ الدَّوَامِ فَهُوَ مِثْلُ الْمَاضِي فِي قَوْلِهِ:
وَأَيَّدَهُمْ، وَرِضَاهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ حَاصِلٌ فِي الدُّنْيَا بِثَبَاتِهِمْ عَلَى الدِّينِ وَمُعَادَاةِ أَعْدَائِهِ، وَحَاصِلٌ فِي الْمُسْتَقْبل بنوال رَضِي اللَّهِ عَنْهُمْ وَنَوَالِ نَعَيْمِ الخلود.
وَأما تحول التَّعْبِيرِ إِلَى الْمُضَارِعِ فِي قَوْلِهِ: وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ فَلِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الِاسْتِقْبَالِ. وَقَدِ اسْتُغْنِيَ عَنْ إِفَادَةِ التَّحْقِيقِ بِمَا تَقَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ.
وَقَوْلُهُ: أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ إِلَى آخِرِهِ كَالْقَوْلِ فِي أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ [المجادلة:
19] . وَحَرْفُ التَّنْبِيهِ يَحْصُلُ مِنْهُ تَنْبِيهُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى فَضْلِهِمْ. وَتَنْبِيهُ مَنْ يَسْمَعُ ذَلِكَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ إِلَى مَا حَبَا اللَّهُ بِهِ الْمُسْلِمِينَ مَنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَعَلَّ الْمُنَافِقِينَ يَغْبِطُونَهُمْ فَيُخْلِصُونَ الْإِسْلَامَ.
وَشَتَّانَ بَيْنَ الْحِزْبَيْنِ. فَالْخُسْرَانُ لِحِزْبِ الشَّيْطَانِ، وَالْفَلَّاحُ لِحِزْبِ اللَّهِ تَعَالَى.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 28  صفحه : 61
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست