responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 28  صفحه : 55
وَالنِّسْيَانُ مُرَادٌ مِنْهُ لَازِمُهُ وَهُوَ الْإِضَاعَةُ وَتَرْكُ الْمَنْسِيِّ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى [طه: 126] .
وَالذِّكْرُ يُطْلَقُ عَلَى نُطْقِ اللِّسَانِ بِاسْمٍ أَوْ كَلَامٍ وَيُطْلَقُ عَلَى التَّذَكُّرِ بِالْعَقْلِ. وَقَدْ يُخَصُّ هَذَا الثَّانِي بِضَمِّ الذَّالِ وَهُوَ هُنَا مُسْتَعْمَلٌ فِي صَرِيحِهِ وَكِنَايَتِهِ، أَيْ مُسْتَعْمَلٌ فِي لَازِمِهِ وَهُوَ الْعِبَادَةُ وَالطَّاعَةُ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ أَنْسَاهُمْ تَوْحِيدَ اللَّهِ بِكَلِمَةِ الشَّهَادَةِ وَالتَّوَجُّهِ إِلَيْهِ بِالْعِبَادَةِ.
وَالَّذِي لَا يَتَذَكَّرُ شَيْئًا لَا يَتَوَجَّهُ إِلَى وَاجِبَاتِهِ.
وَجُمْلَةُ أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ نَتِيجَةٌ وَفَذْلَكَةٌ لِقَوْلِ: اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ.
فَإِنَّ الِاسْتِحْوَاذَ يَقْتَضِي أَنَّهُ صَيَّرَهُمْ مِنْ أَتْبَاعِهِ.
وَاسْمُ الْإِشَارَةِ لِزِيَادَةِ تَمْيِيزِهِمْ لِئَلَا يَتَرَدَّدَ فِي أَنَّهُمْ حِزْبُ الشَّيْطَانِ.
وَجُمْلَةُ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ وَاقِعَةٌ مَوْقِعَ التَّفَرُّعِ وَالتَّسَبُّبِ عَلَى جُمْلَةِ أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ، فَكَانَ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ أَنْ يُقَالَ: فَإِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هم الخاسرون، وَلذَلِك عَدَلَ عَنْ ذَلِكَ إِلَى حَرْفِ الِاسْتِفْتَاحِ تَنْبِيهًا عَلَى أَهَمِّيَّةِ مَضْمُونِهَا وَأَنَّهُ
مِمَّا يَحِقُّ الْعِنَايَةُ بِاسْتِحْضَارِهِ فِي الْأَذْهَانِ مُبَالَغَةً فِي التَّحْذِيرِ مِنَ الِانْدِمَاجِ فِيهِمْ، وَالتَّلَبُّسِ بِمِثْلِ أَحْوَالِهِمُ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا. وَزِيدَ هَذَا التَّحْذِيرُ اهْتِمَامًا بِتَأْكِيدِ الْخَبَرِ بِحَرْفِ إِنَّ وَبِصِيغَةِ الْقَصْرِ، إِذْ لَا يَتَرَدَّدُ أَحَدٌ فِي أَنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ خَاسِرُونَ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ الْقَضَايَا الْمُسَلَّمَةِ بَيْنَ الْبَشَرِ، فَلِذَلِكَ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْمُؤَكِّدَاتُ لِرَدِّ الْإِنْكَارِ لِتَحْذِيرِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ تَغُرَّهُمْ حَبَائِلُ الشَّيْطَانِ وَتَرُوقَ فِي أَنْظَارِهِمْ بَزَّةُ الْمُنَافِقِينَ وَتَخْدَعَهُمْ أَيْمَانُهُمُ الْكَاذِبَةُ.
وَإِظْهَارُ كَلِمَةِ حِزْبُ الشَّيْطانِ دون ضمير هم لِزِيَادَةِ التَّصْرِيحِ وَلِتَكُونَ الْجُمْلَةُ صَالِحَة للتمثل بِهِ مُسْتَقِلَّةً بِدِلَالَتِهَا.
وَضَمِيرُ الْفَصْلِ أَفَادَ الْقَصْرَ، وَهُوَ قَصْرٌ ادِّعَائِيٌّ لَلْمُبَالَغَةِ فِي مِقْدَار خسرانهم وَأَنه لَا خُسْرَانَ أَشَدُّ مِنْهُ فَكَأَنَّ كُلَّ خُسْرَانٍ غَيْرِهِ عَدَمٌ فَيُدَّعَى أَنَّ وَصْفَ الْخَاسِرِ مَقْصُورٌ عَلَيْهِمْ.
وَحِزْبُ الْمَرْءِ: أَنْصَارُهُ وَجُنْدُهُ وَمن يواليه.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 28  صفحه : 55
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست