responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 28  صفحه : 352
أَنْهَاهُ إِلَيْهِ، وَيُقَالُ: أَسَرَّ لَهُ إِذَا أَسَرَّ أَمْرًا لِأَجْلِهِ، وَذَلِكَ فِي إِضْمَارِ الشَّرِّ غَالِبًا وَأَسَرَّ بِكَذَا، أَيْ أَخْبَرَ بِخَبَر سرّ، وأسرّ، إِذَا وَضَعَ شَيْئًا خَفِيًّا. وَفِي الْمَثَلِ «يُسِرُّ حَسْوًا فِي ارْتِغَاءِ» .
وبَعْضِ أَزْواجِهِ هِيَ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. وَعَدَلَ عَنْ ذِكْرِ اسْمِهَا تَرَفُّعًا عَنْ أَنْ يَكُونَ الْقَصْدُ مَعْرِفَةَ الْأَعْيَانِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ الْعِلْمُ بِمَغْزَى الْقِصَّةِ وَمَا فِيهَا مِمَّا يُجْتَنَبُ مِثْلُهُ أَوْ يُقْتَدَى بِهِ. وَكَذَلِكَ طَيُّ تَعْيِينِ الْمُنَبَّأَةِ بِالْحَدِيثِ وَهِيَ عَائِشَةُ.
وَذُكِرَتْ حَفْصَة بعنوان بعض أَزْوَاجِهِ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَ سِرَّهُ فِي مَوْضِعِهِ لِأَنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِمَعْرِفَةِ سِرِّ الرَّجُلِ زَوْجُهُ. وَفِي ذَلِكَ تَعْرِيضٌ بِمَلَامِهَا عَلَى إِفْشَاءِ سِرِّهِ لِأَنَّ وَاجِبَ الْمَرْأَةِ أَنْ تَحْفَظَ سِرَّ زَوْجِهَا إِذَا أَمَرَهَا بِحِفْظِهِ أَوْ كَانَ مثله مِمَّا يجب حِفْظَهُ.
وَهَذَا الْمَعْنَى الْأَوَّلُ مِنَ الْمَعَانِي التَّهْذِيبِيَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا آنِفًا.
وَنَبَّأَ: بِالتَّضْعِيفِ مُرَادِفُ أَنْبَأَ بِالْهَمْزِ وَمَعْنَاهُمَا: أَخْبَرَ، وَقَدْ جَمَعَهُمَا قَوْلُهُ: فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ.
وَقَدْ قِيلَ: السِّرُّ أَمَانَةٌ، أَيْ وَإِفْشَاؤُهُ خِيَانَةٌ.
وَفِي حَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ مِنْ آدَابِهِمُ الْعَرَبِيَّةِ الْقَدِيمَةِ قَالَتِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: «جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ فَمَا جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ لَا تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا وَلَا تَنْفِثُ مِيرَثَنَا تَنْفِيثًا» .
وَكَلَامُ الْحُكَمَاءِ وَالشُّعَرَاءِ فِي السِّرِّ وَحِفْظِهِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصَى. وَهُوَ الْمَعْنَى الثَّانِي مِنَ الْمَعَانِي التَّهْذِيبِيَّةِ الَّتِي ذَكرنَاهَا.
وَمعنى ووَ أَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ أَطْلَعَهُ عَلَيْهِ وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الظُّهُورِ بِمَعْنَى التَّغَلُّبِ.
اسْتُعِيرَ الْإِظْهَارُ إِلَى الْإِطْلَاعِ لِأَنَّ إِطْلَاعَ الله نبيئه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السِّرِّ الَّذِي بَيْنَ حَفْصَةَ وَعَائِشَةَ كَانَ غَلَبَةً لَهُ عَلَيْهِمَا فِيمَا دَبَّرَتَاهُ فَشُبِّهَتِ الْحَالَةُ الْخَاصَّةُ مِنْ تَآمُرِ حَفْصَةَ وَعَائِشَةَ عَلَى مَعْرِفَةِ سرّ النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ عِلْمِهِ بِذَلِكَ بِحَالِ مَنْ يُغَالِبُ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 28  صفحه : 352
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست