responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 28  صفحه : 348
يَعُودَ لِشُرْبِ شَيْء عِنْدَ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ فِي غَيْرِ يَوْمِ نَوْبَتِهَا أَوْ كَانَ وَعْدٌ أَنْ يُحَرِّمَ مَارِيَةَ عَلَى نَفْسِهِ بِدُونِ يَمِينٍ عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى. كَانَ ذَلِكَ غَيْرَ يَمِينٍ فَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ إِيَّاهُ بِأَنْ يُكَفِّرَ عَنْ يَمِينِهِ إِمَّا لِأَنَّ ذَلِكَ يَجْرِي مَجْرَى الْيَمِينِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا وَعَدَ لِذَلِكَ تَطْمِينًا لِخَاطِرِ أَزْوَاجِهِ فَهُوَ الْتِزَامٌ لَهُنَّ فَكَانَ بِذَلِكَ مُلْحَقًا بِالْيَمِينِ وَبِذَلِكَ أَخَذَ أَبُو حَنِيفَةَ وَلَمْ يَرَهُ مَالِكٌ يَمِينًا وَلَا نَذْرًا فَقَالَ فِي «الْمُوَطَّأِ» : وَمَعْنَى
قَوْلِ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ»
أَنْ يَنْذُرَ الرَّجُلُ أَنْ يَمْشِيَ إِلَى الشَّامِ أَوْ إِلَى مِصْرَ مِمَّا لَيْسَ لِلَّهِ بِطَاعَةٍ إِنْ كَلَّمَ فُلَانًا، فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ إِنْ هُوَ كَلَّمَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلَّهِ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ طَاعَةٌ فَإِنْ حَلَفَ فَقَالَ: «وَاللَّهِ لَا آكُلُ هَذَا الطَّعَامَ وَلَا أَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ» اه.
وَقَدِ اخْتُلِفَ هَلْ كفّر النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ تِلْكَ.
فَالتَّحِلَّةُ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ عِنْدَ مَالِكٍ هِيَ: جَعْلُ اللَّهِ مُلْتَزِمَ مِثْلِ هَذَا فِي حِلٍّ مِنَ الْتِزَامِ مَا الْتَزَمَهُ. أَيْ مُوجِبٌ التَّحَلُّلَ مِنْ يَمِينِهِ.
وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: هِيَ مَا شَرَعَهُ اللَّهُ مِنَ الْخُرُوجِ مِنَ الْأَيْمَانِ بِالْكَفَّارَاتِ وَإِنْ كَانَ النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَرَ مِنْهُ يَمِينٌ عِنْدَ ذَلِكَ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ فَتَحِلَّةُ الْيَمِينِ هِيَ الْكَفَّارَةُ عِنْدَ الْجَمِيعِ.
وَجُمْلَةُ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ تَذْيِيلٌ لِجُمْلَةِ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ. وَالْمَوْلَى:
الْوَلِيُّ، وَهُوَ النَّاصِرُ وَمُتَوَلِّي تَدْبِيرِ مَا أُضِيفَ إِلَيْهِ، وَهُوَ هُنَا كِنَايَة عَن الرؤوف وَالْمُيَسِّرِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [الْبَقَرَة: 185] .
وَعُطِفَ عَلَيْهَا جُمْلَةُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ أَيِ الْعَلِيمُ بِمَا يُصْلِحُكُمْ فَيَحْمِلُكُمْ عَلَى الصَّوَابِ وَالرُّشْدِ وَالسَّدَادِ وَهُوَ الْحَكِيمُ فِيمَا يَشْرَعُهُ، أَيْ يُجْرِي أَحْكَامَهُ عَلَى الْحِكْمَةِ. وَهِيَ إِعْطَاءُ الْأَفْعَالِ مَا تَقْتَضِيهِ حَقَائِقُهَا دُونَ الْأَوْهَامِ وَالتَّخَيُّلَاتِ.
وَاخْتَلَفَ فُقَهَاءُ الْإِسْلَامِ فِيمَنْ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا مِمَّا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ عَلَى أَقْوَالٍ كَثِيرَةٍ أَنْهَاهَا الْقُرْطُبِيُّ إِلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ قَوْلًا وَبَعْضُهَا مُتَدَاخِلٌ فِي بَعْضٍ بِاخْتِلَافِ الشُّرُوط والنيات فتؤول إِلَى سَبْعَةٍ.
أَحَدُهَا: لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ سَوَاءٌ كَانَ الْمُحَرَّمُ زَوْجًا أَوْ غَيْرَهَا. وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيُّ وَمَسْرُوقٌ وَرَبِيعَةُ مِنَ التَّابِعَيْنِ وَقَالَهُ أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 28  صفحه : 348
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست