responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 28  صفحه : 31
يَنْهَى الْيَهُودَ عَنْ أَحْوَالِهِمْ. وَهَذَا يَرُدُّ قَوْلَ مَنْ تَأَوَّلَ الْآيَةَ عَلَى الْيَهُودِ وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ، بَلِ الْحَقُّ مَا فِي ابْنِ عَطِيَّةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْمُنَافِقين.
وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِما نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ.
بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ حَالَهُمْ فِي اخْتِلَاءِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ ذَكَرَ حَالَ نِيَّاتِهِمُ الْخَبِيثَةِ عِنْدَ الْحُضُورِ فِي مجْلِس النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُمْ يَتَتَبَّعُونَ سُوءَ نِيَّاتِهِمْ مِنْ كَلِمَاتٍ يَتَبَادَرُ مِنْهَا لِلسَّامِعِينَ أَنَّهَا صَالِحَةٌ فَكَانُوا إِذَا دَخَلُوا على النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْفِتُونَ لَفْظَ «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ» لِأَنَّهُ شِعَارُ الْإِسْلَامِ وَلِمَا فِيهِ من جمع مَعْنَى السَّلَامَةِ يَعْدِلُونَ عَنْ ذَلِكَ وَيَقُولُونَ: أَنْعِمْ صَبَاحًا، وَهِيَ تَحِيَّةُ الْعَرَبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لِأَنَّهُمْ لَا يُحِبُّونَ أَنْ يَتْرُكُوا عَوَائِدَ الْجَاهِلِيَّةِ. نَقَلَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
فَمَعْنَى بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ، بِغَيْرِ لَفْظِ السَّلَامِ، فَإِنَّ اللَّهَ حَيَّاهُ بِذَلِكَ بِخُصُوصِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الْأَحْزَاب: 56] . وَحَيَّاهُ بِهِ فِي عُمُومِ الْأَنْبِيَاءِ بِقَوْلِهِ: قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى [النَّمْل: 59] وَتَحِيَّةُ اللَّهِ هِيَ التَّحِيَّةُ الْكَامِلَةُ.
وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ مَا
وَرَدَ فِي حَدِيثِ: أَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا إِذَا حيّوا النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ، وَأَن النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: «وَعَلَيْكُمْ»
. فَإِنَّ ذَلِكَ وَارِدٌ فِي قَوْمٍ مَعْرُوفٌ أَنَّهُمْ مِنَ الْيَهُودِ. وَمَا ذُكِرَ أَوَّلَ هَذِهِ الْآيَةِ لَا يَلِيقُ حَمْلُهُ عَلَى أَحْوَالِ الْيَهُودِ كَمَا عَلِمْتَ آنِفًا وَلَوْ حمل ضمير جاؤُكَ عَلَى الْيَهُودِ لَزِمَ عَلَيْهِ تَشْتِيتُ الضَّمَائِرِ.
أَمَّا هَذِهِ الْآيَةُ فَفِي أَحْوَالِ الْمُنَافِقِينَ، وَهَذَا مِثْلُ مَا كَانَ بَعضهم يَقُول للنَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
راعِنا [الْبَقَرَة: 104] تَعَلَّمُوهَا مِنَ الْيَهُودِ وَهُمْ يُرِيدُونَ التَّوْجِيهَ بِالرُّعُونَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا وَاسْمَعُوا وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ [الْبَقَرَة:
104] وَلَمْ يُرِدْ مِنْهُ نَهْيَ الْيَهُودِ.
وَمَعْنَى يَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَلَى نَحْوِ قَوْلِهِ تَعَالَى:

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 28  صفحه : 31
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست