responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 28  صفحه : 294
وَأَنَّ اللَّهَ وَضَعَ لِكُلِّ شَيْءٍ حُكْمَهُ لَا يُعْجِزُهُ تَنْفِيذُ أَحْكَامِهِ.
وَأُعْقِبَ ذَلِكَ بِالْمَوْعِظَةِ بِحَالِ الْأُمَمِ الَّذِينَ عَتَوْا عَنْ أَمْرِ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَهُوَ حَثٌّ
لِلْمُسْلِمِينَ عَلَى الْعَمَلِ بِمَا أَمَرَهُمْ بِهِ الله وَرَسُوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِئَلَّا يَحِقَّ عَلَيْهِمْ وَصْفُ الْعُتُوِّ عَنِ الْأَمْرِ.
وَتَشْرِيفُ وَحْيِ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَصَادِرٌ عَنْ عِلْمِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ تَعَالَى.
[1]

[سُورَة الطَّلَاق (65) : آيَة 1]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً (1)
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ.
تَوْجِيهُ الْخِطَابِ إِلَى النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسْلُوبٌ مِنْ أَسَالِيبِ آيَاتِ التَّشْرِيعِ الْمُهْتَمِّ بِهِ فَلَا يَقْتَضِي ذَلِكَ تَخْصِيصَ مَا يُذْكَرُ بعده النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ [الْأَنْفَال: 65] لِأَن النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي يَتَوَلَّى تَنْفِيذَ الشَّرِيعَةِ فِي أُمَّتِهِ وَتَبْيِينَ أَحْوَالِهَا. فَإِنْ كَانَ التَّشْرِيعُ الْوَارِدُ يَشْمَلُهُ وَيَشْمَلُ الْأُمَّةَ جَاءَ الْخِطَابُ مُشْتَمِلًا عَلَى مَا يُفِيدُ ذَلِكَ مِثْلَ صِيغَةِ الْجَمْعِ فِي قَوْلِهِ هُنَا إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ وَإِنْ كَانَ التَّشْرِيعُ خَاصّا بالرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَتْ بِمَا يَقْتَضِي ذَلِكَ نَحْوَ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ [الْمَائِدَة: 67] .
قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ: «وَهَذَا قَوْلُهُمْ أَنَّ الْخِطَابَ لَهُ لَفْظًا. وَالْمَعْنَى لَهُ وَلِلْمُؤْمِنِينَ، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ الْخِطَابَ لِلْمُؤْمِنِينَ لَاطَفَهُ بِقُولِهِ: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ، وَإِذَا كَانَ الْخِطَابُ بِاللَّفْظِ وَالْمَعْنَى جَمِيعًا لَهُ قَالَ: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ [الْمَائِدَة: 67] اه. وَوَجْهُ الِاهْتِمَامِ بِأَحْكَامِ الطَّلَاقِ وَالْمُرَاجَعَةِ وَالْعِدَّةِ سَنَذْكُرُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ.
فَالْأَحْكَامُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ عَامَّةٌ لِلْمُسْلِمِينَ فَضَمِيرُ الْجَمْعِ فِي قَوْلِهِ: إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ وَمَا بَعْدَهُ مِنَ الضَّمَائِرِ مِثْلُهُ مُرَادٌ بِهَا هُوَ وَأُمَّتُهُ. وَتَوْجِيهُ الْخِطَابِ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ الْمُبَلِّغُ لِلنَّاسِ وَإِمَامُ أُمَّتِهِ وَقُدْوَتُهُمْ وَالْمُنَفِّذُ لِأَحْكَامِ اللَّهِ فِيهِمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ مِنَ الْمُعَامَلَاتِ فَالتَّقْدِيرُ إِذَا طَلَّقْتُمْ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.
وَظَاهِرُ كَلِمَةِ إِذا أَنَّهَا لِلْمُسْتَقْبَلِ وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ مِنْ أَنَّهَا

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 28  صفحه : 294
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست