responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 28  صفحه : 22
طُلِّقَتْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ إِنْ طَلَبَتِ الطَّلَاقَ. وَإِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ خِصَالِ الْكَفَّارَةَ كُلِّهَا كَانَ كَالْعَاجِزِ عَنِ الْوَطْءِ بَعْدَ وُقُوعِهِ مِنْهُ فَتَبْقَى الْعِصْمَةُ بَيْنَ الْمُتَظَاهِرِ وَامْرَأَتِهِ وَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ.
وَقَدْ أَمر النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَفَّارَةِ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ مِنْ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ فَحَقَّ عَلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ أَنْ يَدْفَعُوا عَنِ الْعَاجِزِ كَفَّارَةَ ظِهَارِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكَفَّارَةَ سَاقِطَةٌ عَنْهُ، وَأَنَّهُ يَعُودُ إِلَى مَسِيسِ امْرَأَتِهِ، وَتَبْقَى الْكَفَّارَةُ ذَنْبًا عَلَيْهِ فِي ذِمَّتِهِ لِأَنَّ اللَّهَ أَبْطَلَ طَلَاقَ الظِّهَارِ.
ذلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ الْإِشَارَةُ إِلَى مَا ذَكَرَ مِنَ الْأَحْكَامِ، أَيْ ذَلِكَ الْمَذْكُورُ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، أَيْ لِتُؤْمِنُوا إِيمَانًا كَامِلًا بِالِامْتِثَالِ لِمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَلَا تَشُوبُوا أَعْمَالَ الْإِيمَانِ بِأَعْمَالِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَهَذَا زِيَادَةٌ فِي تَشْنِيعِ الظِّهَارِ، وَتَحْذِيرٌ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ إِيقَاعِهِ فِيمَا بَعْدُ، أَوْ ذَلِكَ النَّقْلُ مِنْ حَرَجِ الْفِرَاقِ بِسَبَبِ قَوْلِ الظِّهَارِ إِلَى الرُّخْصَةِ فِي عَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهِ وَفِي الْخَلَاصِ مِنْهُ بِالْكَفَّارَةِ، لَتَيْسِيرِ الْإِيمَانِ عَلَيْكُمْ فَهَذَا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الْحَج: 78] .
ولِتُؤْمِنُوا خَبَرٌ عَنِ اسْمِ الْإِشَارَةِ، وَاللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ. وَلَمَّا كَانَ الْمُشَارُ إِلَيْهِ وَهُوَ صِيَامُ شَهْرَيْنِ أَوْ إِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا عِوَضًا عَنْ تَحْرِيرِ رَقَبَة كَانَ من عُلِّلَ بِهِ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُنْسَحِبًا عَلَى الصِّيَامِ وَالْإِطْعَامِ، وَمَا عُلِّلَ بِهِ الصِّيَامُ وَالْإِطْعَامُ مُنْسَحِبًا عَلَى تَحْرِيرِ رَقَبَةٍ، فَأَفَادَ أَنَّ كُلًّا مِنْ تَحْرِيرِ رَقَبَةٍ وَصِيَامِ شَهْرَيْنِ وَإِطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا مُشْتَمِلٌ عَلَى كِلْتَا الْعِلَّتَيْنِ وَهُمَا:
الْمَوْعِظَةُ وَالْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ.
وَالْإِشَارَةُ فِي وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ إِلَى مَا أُشير إِلَيْهِ ب ذلِكَ، وَجِيءَ لَهُ بِاسْمِ إِشَارَةِ التَّأْنِيثِ نَظَرًا لِلْإِخْبَارِ عَنْهُ بِلَفْظِ حُدُودُ إِذْ هُوَ جَمْعٌ يَجُوزُ تَأْنِيثُ إِشَارَتِهِ كَمَا يَجُوزُ تَأْنِيثُ ضَمِيرِهِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوها فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 28  صفحه : 22
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست