responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 28  صفحه : 20
رَقَبَةً يَعْتَاضُ بِفَكِّهَا عَنْ فَكِّ عِصْمَةِ الزَّوْجَةِ نُقِلَ إِلَى كَفَّارَةٍ فِيهَا مَشَقَّةُ النَّفْسِ بِالصَّبْرِ عَلَى لَذَّةِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ لِيَدْفَعَ مَا الْتَزَمَهُ بِالظِّهَارِ مِنْ مَشَقَّةِ الصَّبْرِ عَلَى ابْتِعَادِ حَلِيلَتِهِ فَكَانَ الصَّوْمُ دَرَجَةً ثَانِيَةً قَرِيبَةً مِنْ دَرَجَةِ تَحْرِيرِ الرَّقَبَةِ فِي الْمُنَاسَبَةِ.
وَأُعِيدَ قَيْدُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا لِلدِّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ الْمَسُّ إِلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الصِّيَامِ، فَلَا يَظُنُّ أَنَّ مُجَرَّدَ شُرُوعِهِ فِي الصِّيَامِ كَافٍ فِي الْعَوْدِ إِلَى الِاسْتِمْتَاعِ.
فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ، أَيْ لِعَجْزِهِ أَوْ ضَعْفِهِ رَخَّصَ اللَّهَ لَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ إِلَى إِطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا عِوَضًا عَنِ الصِّيَامِ فَالْإِطْعَامُ دَرَجَةٌ ثَالِثَةٌ يَدْفَعُ عَنْ سِتِّينَ مِسْكِينًا أَلَمَ الْجُوعِ عِوَضًا عَمَّا كَانَ الْتَزَمَهُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَشَقَّةِ الِابْتِعَادِ عَنْ لَذَّاتِهِ، وَإِنَّمَا حُدِّدَتْ بِسِتِّينَ مِسْكِينًا إِلْحَاقًا لِهَذَا بِكَفَّارَةِ فِطْرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ عَمْدًا بِجَامِعِ أَنَّ كِلَيْهِمَا كَفَّارَةٌ عَنْ صِيَامٍ فَكَانَتِ الْكَفَّارَةُ مُتَنَاسِبَةً مَعَ الْمُكَفَّرِ عَنْهُ مُرَتَّبَةً تَرْتِيبًا مُنَاسِبًا.
وَقَدْ أُجْمِلَ مِقْدَارُ الطَّعَامِ فِي الْآيَةِ اكْتِفَاءً بِتَسْمِيَتِهِ إِطْعَامًا فَيُحْمَلُ عَلَى مَا يَقْصِدُهُ النَّاسُ مِنَ الطَّعَامِ وَهُوَ الشِّبَعُ الْوَاحِدُ كَمَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ فِي فِعْلِ طَعِمَ. فَحَمَلَهُ عُلَمَاؤُنَا عَلَى مَا بِهِ شِبَعُ الْجَائِعِ فَيُقَدَّرُ فِي كُلِّ قَوْمٍ بِحَسْبِ مَا بِهِ شِبَعُ مُعْتَادِ الْجَائِعِينَ. وَعَنْ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ، إِحْدَاهُمَا: أَنَّهُ مُدٌّ وَاحِدٌ لِكُلِّ مِسْكِينٍ بمدّ النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهُ مُدَّانِ أَوْ مَا يَقْرُبُ مِنَ الْمُدَّيْنِ وَهُوَ مُدٌّ بِمُدِّ هِشَامِ (بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْمَخْزُومِيِّ أَمِيرِ الْمَدِينَةِ) وَقَدْرُهُ مُدَّانِ إِلَّا ثُلُثَ مُدٍّ قَالَ: قَالَ أَشْهَبُ: قُلْتُ لِمَالِكٍ: أَيَخْتَلِفُ الشِّبَعُ عِنْدَنَا وَعِنْدَكُمْ؟ قَالَ: نَعَمِ الشِّبَعُ عِنْدَنَا مُدٌّ بمدّ النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالشِّبَعُ عِنْدَكُمْ أَكْثَرُ (أَيْ لِأَن النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ بِالْبَرَكَةِ) . وَقَوْلُهُ هَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْإِطْعَامُ فِي الْمَدِينَةِ مُدًّا بمدّ النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ كَفَّارَةِ الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ فَكَيْفَ جَعَلَهُ مَالِكٌ مُقَدَّرًا بِمُدَّيْنِ أَوْ بِمُدٍّ وَثُلُثَيْنِ، وَقَالَ: لَوْ أَطْعَمَ مُدًّا وَنِصْفَ مُدٍّ أَجْزَأَهُ. فَتَعَيَّنَ أَنَّ تَضْعِيفَ الْمِقْدَارِ فِي الْإِطْعَامِ مُرَاعًى فِيهِ مَعْنَى الْعُقُوبَةُ عَلَى مَا صَنَعَ، وَإِلَّا فَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ مِنْ نَصٍّ وَلَا قِيَاسٍ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ: إِنَّمَا أَخَذَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بِمُدِّ هِشَامٍ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ تَغْلِيظًا عَلَى الْمُتَظَاهِرِينَ الَّذِينَ شَهِدَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا فَهَذَا مِمَّا ثَبَتَ بِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 28  صفحه : 20
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست