responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 28  صفحه : 185
كَثْرَةِ حَمْدِ الْحَامِدِينَ إِيَّاهُ كَمَا قَالُوا: فُلَانٌ مُمَدَّحٌ، إِذَا تَكَرَّرَ مَدْحُهُ مِنْ مَادِحِينَ كَثِيرِينَ.
فَاسْمُ «مُحَمَّدٍ» يُفِيدُ مَعْنَى: الْمَحْمُودِ حَمْدًا كَثِيرًا وَرُمِزَ إِلَيْهِ بِأَحْمَدَ.
وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ الْجَامِعَةُ الَّتِي أَوْحَى اللَّهُ بِهَا إِلَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَرَادَ اللَّهُ بِهَا أَنْ تَكُونَ شِعَارًا لِجِمَاعِ صِفَاتِ الرَّسُولِ الْمَوْعُود بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، صِيغَتْ بِأَقْصَى صِيغَةٍ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ إِجْمَالًا بِحَسَبِ مَا تَسْمَحُ اللُّغَةُ بِجَمْعِهِ مِنْ مَعَانِيَ. وَوُكِلَ تَفْصِيلُهَا إِلَى مَا يَظْهَرُ مِنْ شَمَائِلِهِ قَبْلَ بِعْثَتِهِ وَبَعْدِهَا لِيَتَوَسَّمَهَا الْمُتَوَسِّمُونَ وَيَتَدَبَّرَ مَطَاوِيهَا الرَّاسِخُونَ عِنْدَ الْمُشَاهَدَةِ وَالتَّجْرِبَةِ.
جَاءَ فِي إِنْجِيلِ مَتَّى فِي الْإِصْحَاحِ الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ قَوْلُ عِيسَى «وَيَقُومِ أَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ كَثِيرُونَ وَيُضِلُّونَ كَثِيرًا وَلَكِنَّ الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَهَذَا يُخَلَّصُ وَيَكْرِزُ [1] بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ هَذِهِ فِي كُلِّ الْمَسْكُونَةِ شَهَادَةً لِجَمِيعِ الْأُمَمِ ثُمَّ يَكُونُ الْمُنْتَهَى» ، وَمَعْنَى يكرز يَدْعُو وينبىء،
وَمَعْنَى يَصِيرُ إِلَى الْمُنْتَهَى يَتَأَخَّرُ إِلَى قُرْبِ السَّاعَةِ.
وَفِي إِنْجِيلِ يُوحَنَّا فِي الْإِصْحَاحِ الرَّابِعِ عَشَرَ «إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي فَاحْفَظُوا وَصَايَايَ وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الْأَبِ فيعطيكم فارقليط آخَرَ يَثْبُتُ مَعَكُمْ إِلَى الْأَبَدِ» . وَ (فَارْقَلِيطُ) كَلِمَةٌ رُومِيَّةٌ، أَيْ بُوَانِيَّةٌ تُطْلَقُ بِمَعْنَى الْمُدَافِعِ أَوِ الْمُسَلِّي، أَيِ الَّذِي يَأْتِي بِمَا يَدْفَعُ الْأَحْزَانَ وَالْمَصَائِبَ، أَيْ يَأْتِي رَحْمَةً، أَيْ رَسُولٌ مُبَشِّرٌ، وَكَلِمَةُ آخَرَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهُ رَسُولٌ مِثْلُ عِيسَى.
وَفِي الْإِصْحَاحِ الرَّابِعَ عَشَرَ «وَالْكَلَامُ الَّذِي تَسْمَعُونَهُ لَيْسَ لِي بَلِ الَّذِي أَرْسَلَنِي. وَبِهَذَا كَلَّمْتُكُمْ وَأَنَا عِنْدُكُمْ (أَيْ مُدَّةَ وُجُودِي بَيْنَكُمْ) ، وَأَمَّا (الْفَارْقَلِيطُ) الرُّوحُ الْقُدْسِيُّ الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الْأَبُ بِاسْمِي فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا

[1] كَذَا وَقعت كلمة يكرز فِي تَرْجَمَة الْإِنْجِيل وَلم أتحقق مَأْخَذ المترجم لهاته الْكَلِمَة. ولعلها مَأْخُوذَة من اسْم الكرّاز (بتَشْديد الرَّاء) اسْم الْكَبْش الَّذِي يضع عَلَيْهِ الرَّاعِي كرزه فيحمله، أَو من الكرز بِضَم الْكَاف وَسُكُون الرَّاء ضرب من الجوالق كَبِير يحمل فِيهِ الرَّاعِي زَاده ومتاعه. وَمن الْمَعْلُوم تَشْبِيه الرُّسُل برعاة الْغنم. وَمن كَلَام عِيسَى عَلَيْهِ السّلام: «إِنَّمَا بعثت لخرفان بني إِسْرَائِيل» وَأما فعل كرز فَلَعَلَّهُ من بَاب قعد.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 28  صفحه : 185
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست