responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 28  صفحه : 182
فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى إِعْدَادَ الْبَشَرِ لِقُبُولِ رِسَالَةِ هَذَا الرَّسُولِ الْعَظِيمِ الْمَوْعُود بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَوْدَعَهُمْ أَشْرَاطَهُ وَعَلَامَاتِهِ عَلَى لِسَانِ كُلِّ رَسُولٍ أَرْسَلَهُ إِلَى النَّاسِ. قَالَ تَعَالَى: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ [آل عمرَان: 81، 82] أَيْ أَأَخَذْتُمْ إِصْرِي مِنْ أُمَمِكُمْ عَلَى الْإِيمَانِ بِالرَّسُولِ الَّذِي يَجِيءُ مُصَدِّقًا لِلرُّسِلِ. وَقَوله:
فَاشْهَدُوا [آل عمرَان: 81] ، أَيْ عَلَى أُمَمِكُمْ وَسَيَجِيءُ مِنْ حِكَايَةِ كَلَامِ عِيسَى فِي الْإِنْجِيلِ مَا يَشْرَحُ هَذِهِ الشَّهَادَةَ.
وَقَالَ تَعَالَى فِي خُصُوصِ مَا لَقَّنَهُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ [الْبَقَرَة: 129] الْآيَةَ.
وَأَوْصَى بِهِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَصِيَّةً جَامِعَةً لِمَا تَقَدَّمَهَا مِنْ وَصَايَا الْأَنْبِيَاءِ وَأَجْمَلَهَا إِجْمَالًا عَلَى طَرِيقِ الرَّمْزِ. وَهُوَ أُسْلُوبٌ مِنْ أَسَالِيبِ أَهْلِ الْحِكْمَةِ وَالرِّسَالَةِ فِي غَيْرِ بَيَانِ الشَّرِيعَةِ، قَالَ السُّهْرَوَرْدِيُّ: فِي تِلْكَ حِكْمَةُ الْإِشْرَاقِ «وَكَلِمَاتُ الْأَوَّلِينَ مَرْمُوزَةٌ» فَقَالَ قُطْبُ الدِّينِ الشِّيرَازِيِّ فِي «شَرْحِهِ» : «كَانُوا يَرْمُزُونَ فِي كَلَامِهِمْ إِمَّا تَشْحِيذًا لِلْخَاطِرِ بِاسْتِكَدَادِ الْفِكر أَو تشبها بِالْبَارِي تَعَالَى وَأَصْحَابِ النَّوَامِيسِ فِيمَا أَتَوْا بِهِ مِنَ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ الْمَرْمُوزَةِ لِتَكُونَ أَقْرَبَ إِلَى فَهْمِ الْجُمْهُورِ فَيَنْتَفِعَ الْخَوَاصُّ بِبَاطِنِهَا وَالْعَوَامُّ بِظَاهِرِهَا.
اه» ، أَيْ لِيَتَوَسَّمُهَا أَهْلُ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَيَتَحَصَّلَ لَهُمْ مِنْ مَجْمُوعِ تَفْصِيلِهَا شَمَائِلُ الرَّسُولِ الْمَوْعُودِ بِهِ وَلَا يَلْتَبِسَ عَلَيْهِمْ بِغَيْرِهِ مِمَّنْ يَدَّعِي ذَلِكَ كَذِبًا. أَوْ يَدَّعِيهِ لَهُ طَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ كَذِبًا أَوِ اشْتِبَاهًا.
وَلَا يُحْمَلُ قَوْلُهُ: اسْمُهُ أَحْمَدُ عَلَى مَا يَتَبَادَرُ مِنْ لَفْظِ اسْمٍ مِنْ أَنَّهُ الْعَلَمُ الْمَجْهُولُ لِلدِّلَالَةِ عَلَى ذَاتٍ مُعَيَّنَةٍ لِتُمَيِّزَهُ مِنْ بَيْنِ مَنْ لَا يُشَارِكُهَا فِي ذَلِكَ الِاسْمِ لِأَنَّ هَذَا الْحَمْلَ يَمْنَعُ مِنْهُ وَأَنَّهُ لَيْسَ بِمُطَابِقٍ لِلْوَاقِعِ لِأَنَّ الرَّسُولَ الْمَوْعُودَ بِهِ لَمْ يَدْعُهُ النَّاسُ أَحْمَدُ فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَدْعُو النبيء مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاسْمِ أَحْمَدَ لَا قبل نبوته وَلَا بَعْدَهَا وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ.
وَأَمَّا مَا وَقَعَ
فِي «الْمُوَطَّأ» و «الصَّحِيحَيْنِ» عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَن

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 28  صفحه : 182
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست