responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 28  صفحه : 162
وَأَصْلُ الْفَوْتِ: الْمُفَارَقَةُ وَالْمُبَاعَدَةُ، وَالتَّفَاوُتُ: الْمُتَبَاعَدُ. وَالْفَوْتُ هُنَا مُسْتَعَارٌ لِضَيَاعِ الْحَقِّ كَقَوْلِ رُوَيْشِدِ بْنِ كَثِيرٍ الطَّائِيِّ أَوْ عَمْرِو بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ:
إِنْ تُذْنِبُوا ثُمَّ تَأْتِينِي بَقِيَّتُكُمْ ... فَمَا عَلَيَّ بِذَنْبٍ مِنْكُمْ فَوْتُ
أَيْ فَلَا ضَيَاعَ عَلَيَّ بِمَا أَذْنَبْتُمْ، أَيْ فَإِنَّا كَمَنْ لَمْ يَضِعْ لَهُ حَقٌّ.
وَالْمَعْنَى: إِنْ فَرَّتْ بَعْضُ أَزْوَاجِكُمْ وَلَحِقَتْ بِالْكُفَّارِ وَحَصَلَ التَّعَاقُبُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الْكُفَّارِ فَعَقَّبْتُمْ عَلَى أَزْوَاجِ الْكُفَّارِ وَعَقَّبَ الْكُفَّارُ عَلَى أَزْوَاجِكُمْ وَأَبَى الْكُفَّارُ مِنْ دَفَعِ مُهُورِ بعض النِّسَاء اللاء ذَهَبْنَ إِلَيْهِمْ، فَادْفَعُوا أَنْتُمْ لِمَنْ حَرَمُهُ الْكُفَّارُ مَهْرَ امْرَأَتَهُ، أَيْ مَا هُوَ حَقُّهُ، واحجزوا ذَلِك عَن الْكُفَّارِ. وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إِنْ أُعْطِيَ جَمِيعُ الْمُؤْمِنِينَ مُهُورَ مَنْ فَاتَهُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ وَبَقِيَ لِلْمُشْرِكِينَ فَضْلٌ يَرُدُّهُ الْمُسْلِمُونَ إِلَى الْكُفَّارِ. هَذَا تَفْسِيرُ الزُّهْرِيُّ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ عَنْهُ وَهُوَ أَظْهَرُ مَا فُسِّرَتْ بِهِ الْآيَةُ.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْجُمْهُورِ: الَّذِينَ فَاتَهُمْ أَزْوَاجُهُمْ إِلَى الْكُفَّارِ يُعْطَوْنَ مُهُورَ نِسَائِهِمْ مِنْ مَغَانِمِ الْمُسْلِمِينَ. وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ الْآيَةُ مَنْسُوخَةً بِآيَةِ سُورَةِ بَرَاءَةَ [7] كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ.
وَالْوَجْهُ أَنْ لَا يُصَارَ إِلَى الْإِعْطَاءِ مِنَ الْغَنَائِمِ إِلَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذِمَمِ الْمُسْلِمِينَ شَيْءٌ
مِنْ مُهُورِ نسَاء الْمُشْركين اللاء أَتَيْنَ إِلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَصِرْنَ أَزْوَاجًا لِلْمُسْلِمِينَ.
وَالْكَلَامُ إِيجَازُ حَذْفٍ شَدِيدٍ دَلَّ عَلَيْهِ مَجْمُوعُ الْأَلْفَاظِ وَمَوْضِعُ الْكَلَامِ عَقِبَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ.
وَلَفَظُ شَيْءٌ هَنَا مُرَادٌ بِهِ: بَعْضُ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَيَانٌ لِ شَيْءٌ، وَأُرِيدَ بِ شَيْءٌ تحقير الزَّوْجَات اللاء أَبَيْنَ الْإِسْلَامَ، فَإِنَّ الْمُرَادَ قَدْ فَاتَتْ ذَاتُهَا عَنْ زَوْجِهَا فَلَا انْتِفَاعَ لَهُ بِهَا.
وَضُمِّنَ فِعْلُ فاتَكُمْ مَعْنَى الْفِرَارِ فَعُدِّيَ بِحَرْفِ إِلَى أَيْ فَرَرْنَ إِلَى الْكُفَّارِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 28  صفحه : 162
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست