responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 28  صفحه : 152
فَإِنْ نَظَرْنَا إِلَى وَصْفِ الْعَدُوِّ مِنْ قَوْلِهِ: لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ وَحَمَلْنَاهُ عَلَى حَالَةِ مُعَادَاةِ مَنْ خَالَفَهُمْ فِي الدِّينِ وَنَظَرْنَا مَعَ ذَلِكَ إِلَى وَصْفِ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ، كَانَ مَضْمُونُ قَوْلِهِ: لَا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ إِلَى آخِرِهِ، بَيَانًا لِمَعْنَى الْعَدَاوَةِ الْمَجْعُولَةِ عِلَّةً لِلنَّهِي عَنِ الْمُوَالَاةِ وَكَانَ الْمَعْنَى أَنَّ مَنَاطَ النَّهْيِ هُوَ مَجْمُوعُ الصِّفَات الْمَذْكُورَة لَا كل صِفَةٍ عَلَى حِيَالِهَا.
وَإِنْ نَظَرْنَا إِلَى أَنَّ وَصْفَ الْعَدُوِّ هُوَ عَدُوُّ الدِّينِ، أَيْ مُخَالِفُهُ فِي نَفْسِهِ مَعَ ضَمِيمَةِ وَصْفِ وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ، كَانَ مَضْمُونُ لَا يَنْهاكُمُ اللَّهُ إِلَى آخِرِهِ تَخْصِيصًا لِلنَّهْيِ بِخُصُوصِ أَعْدَاءِ الدِّينِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوا الْمُسْلِمِينَ لِأَجْلِ الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوا الْمُسْلِمِينَ مِنْ دِيَارِهِمْ.
وَأَيًّا مَا كَانَ فَهَذِهِ الْجُمْلَةُ قَدْ أَخْرَجَتْ مِنْ حُكْمِ النَّهْيِ الْقَوْمَ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوا فِي
الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوا الْمُسْلِمِينَ مِنْ دِيَارِهِمْ، وَاتِّصَالُ هَذِهِ الْآيَةِ بِالْآيَاتِ الَّتِي قَبْلَهَا يَجْعَلُ الِاعْتِبَارَيْنِ سَوَاءً فَدَخَلَ فِي حكم هَذِه الْآيَةِ أَصْنَافٌ وَهُمْ حلفاء النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ خُزَاعَةَ، وَبَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ، وَمُزَيْنَةَ كَانَ هَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ مظاهرين النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُحِبُّونَ ظُهُورَهُ عَلَى قُرَيْشٍ، وَمِثْلُ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَقَدْ جَاءَتْ قُتَيْلَةُ (بِالتَّصْغِيرِ وَيُقَالُ لَهَا: قَتَلَةُ، مُكَبَّرًا) بِنْتُ عَبْدِ الْعُزَّى مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَهِيَ أُمُّ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرِ الصِّدِّيقِ إِلَى الْمَدِينَةِ زَائِرَةً ابْنَتَهَا وَقُتَيْلَةُ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكَةٌ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ فِيهَا الْمُهَادَنَةُ بَيْنَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ بَعْدَ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ (وَهِيَ الْمُدَّةُ الَّتِي نَزَلَتْ فِيهَا هَذِهِ السُّورَةُ)
فَسَأَلَتْ أَسْمَاءُ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَصِلُ أُمَّهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ صِلِي أُمَّكِ»
، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي شَأْنِهَا.
وَقَوْلُهُ: أَنْ تَبَرُّوهُمْ بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ إِلَخْ، لِأَنَّ وُجُودَ ضَمِيرِ الْمَوْصُولِ فِي الْمُبْدَلِ وَهُوَ الضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ فِي أَنْ تَبَرُّوهُمْ يَجْعَلُ بِرَّ الْمُسْلِمِينَ بِهِمْ مِمَّا تَشْتَمِلُ عَلَيْهِ أَحْوَالُهُمْ. فَدَخَلَ فِي الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوا الْمُسْلِمِينَ فِي الدِّينِ نَفَرٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ مِنْهُمُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَالَّذِينَ شَمَلَتْهُمْ أَحْكَامُ هَذِهِ الْآيَةِ كُلُّهُمْ قَدْ قِيلَ إِنَّهُمْ سَبَبُ نُزُولِهَا وَإِنَّمَا هُوَ شُمُولٌ وَمَا هُوَ بِسَبَبِ نُزُولٍ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 28  صفحه : 152
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست