responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 28  صفحه : 148
وَمَعْنَى جَعْلِهِمْ فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا: جَعْلُهُمْ مَفْتُونِينَ يَفْتِنُهُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا، فَيُصَدَّقُ ذَلِكَ بِأَنْ يَتَسَلَّطَ عَلَيْهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَيُفْتَنُونَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ [البروج:
10] إِلَخْ. وَيُصَدَّقُ أَيْضًا بِأَنْ تَخْتَلَّ أُمُورُ دِينِهِمْ بِسَبَبِ الَّذِينَ كَفَرُوا، أَيْ بِمَحَبَّتِهِمْ وَالتَّقَرُّبِ مِنْهُمْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ دُعَاءِ مُوسَى إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ [الْأَعْرَاف:
155] .
وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ فَالْفِتْنَةُ مِنْ إِطْلَاقِ الْمَصْدَرِ عَلَى اسْمِ الْمَفْعُولِ. وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
رَبَّنا لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ فِي سُورَةِ يُونُسَ [85] .
وَاللَّامُ فِي لِلَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى الْوَجْهَيْنِ لِلْمِلْكِ، أَيْ مَفْتُونِينَ مُسَخَّرِينَ لَهُمْ.
وَيَجُوزُ عِنْدِي أَنْ تَكُونَ فِتْنَةً مَصْدَرًا بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ، أَيْ لَا تَجْعَلْنَا فَاتِنَيْنِ، أَيْ سَبَبَ فِتْنَةٍ لِلَّذِينَ كَفَرُوا، فَيَكُونَ كِنَايَةً عَنْ مَعْنَى لَا تُغَلِّبِ الَّذِينَ كَفَّرُوا عَلَيْنَا وَاصْرِفْ عَنَّا مَا يَكُونُ بِهِ اخْتِلَالُ أَمْرِنَا وَسُوءُ الْأَحْوَالِ كَيْلَا يَكُونَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَاتَنًا الَّذِينَ كَفَرُوا، أَيْ مُقَوِّيًا فِتْنَتَهُمْ فَيُفْتَتَنُوا فِي دِينِهِمْ، أَيْ يَزْدَادُوا كُفْرًا وَهُوَ فِتْنَةٌ فِي الدِّينِ، أَيْ فَيَظُنُّوا أَنَّا عَلَى الْبَاطِلِ وَأَنَّهُمْ عَلَى الْحَقِّ، وَقَدْ تُطْلَقُ الْفِتْنَةُ عَلَى مَا يُفْضِي إِلَى غُرُورٍ فِي الدِّينِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ فِي سُورَةِ الزُّمَرِ [49] وَقَوْلِهِ: وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ فِي سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ [111] .
وَاللَّامُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَامُ التَّبْلِيغِ وَهَذِهِ مَعَانٍ جَمَّةٌ أَفَادَتْهَا الْآيَةُ.
وَاغْفِرْ لَنا رَبَّنا.
أَعْقَبُوا دَعَوَاتِهِمُ الَّتِي تَعُودُ إِلَى إِصْلَاحِ دِينِهِمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا بِطَلَبِ مَا يُصْلِحُ أُمُورَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الْآخِرَةِ وَمَا يُوجِبُ رِضَى اللَّهِ عَنْهُمْ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ رِضَاهُ يُفْضِي إِلَى عنايته بهم بتسيير أُمُورِهِمْ فِي الْحَيَاتَيْنِ. وَلِلْإِشْعَارِ بِالْمُغَايَرَةِ بَيْنَ الدَّعْوَتَيْنِ عَطَفَتْ هَذِهِ الْوَاوُ وَلَمْ تَعْطِفِ الَّتِي قَبْلَهَا.
إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 28  صفحه : 148
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست