responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 28  صفحه : 134
فَمَعْنَى إِضَافَةِ عَدُوٍّ إِلَى يَاء التَّكَلُّم عَلَى تَقْدِيرِ: عَدُوِّ دِينِي، أَوْ رَسُولِي.
وَالِاتِّخَاذُ: افْتِعَالٌ مِنَ الْأَخْذِ صِيغَ الِافْتِعَالُ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْأَخْذِ الْمَجَازِيِّ فَأُطْلِقَ عَلَى التَّلَبُّسِ وَالْمُلَازَمَةِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ [71] . وَلِذَلِكَ لَزِمَهُ ذِكْرُ حَالٍ بَعْدَ مَفْعُولِهِ لِتَدُلَّ عَلَى تَعْيِينِ جَانِبِ الْمُعَامَلَةِ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ. فَعُومِلَ هَذَا الْفِعْلُ مُعَامَلَةَ صَيَّرَ. وَاعْتُبِرَتِ الْحَالُ الَّتِي بَعْدَهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَفْعُولِ الثَّانِي لِلِزُومِ ذِكْرِهَا وَهَلِ الْمَفْعُولُ الثَّانِي مِنْ بَابِ ظَنَّ وَأَخَوَاتِهِ إِلَّا حَالٌ فِي الْمَعْنَى، وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ [74] .
وَجُمْلَةُ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ لَا تَتَّخِذُوا، أَوْ فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ لِ أَوْلِياءَ أَوْ بَيَانٍ لِمَعْنَى اتِّخَاذِهِمْ أَوْلِيَاءَ.
وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ جُمْلَةً فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ لَا تَتَّخِذُوا لِأَنَّ جَعْلَهَا حَالًا يُتَوَصَّلُ مِنْهُ إِلَى التَّعْجِيبِ مِنْ إِلْقَائِهِمْ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ.
وَالْإِلْقَاءُ حَقِيقَتُهُ رَمْيُ مَا فِي الْيَدِ عَلَى الْأَرْضِ. وَاسْتُعِيرَ لِإِيقَاعِ الشَّيْءِ بِدُونِ تَدَبُّرٍ فِي
مَوْقِعِهِ، أَيْ تَصْرِفُونَ إِلَيْهِمْ مَوَدَّتَكُمْ بِغَيْرِ تَأْمُّلٍ. قَالَ تَعَالَى: فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ فِي سُورَةِ النَّحْلِ [86] .
وَالْبَاءُ فِي بِالْمَوَدَّةِ لِتَأْكِيدِ اتِّصَالِ الْفِعْلِ بِمَفْعُولِهِ. وَأَصْلُ الْكَلَامِ: تُلْقُونَ إِلَيْهِمُ الْمَوَدَّةَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [الْبَقَرَة: 195] وَقَوله: وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ [الْمَائِدَة: 6] وَذَلِكَ تَصْوِيرٌ لِقَوَّةِ مَوَدَّتِهِمْ لَهُمْ.
وَزِيدَ فِي تَصْوِيرِ هَذِهِ الْحَالَةِ بِجُمْلَةِ الْحَالِ الَّتِي بَعْدَهَا وَهِيَ وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ وَهِيَ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ إِلَيْهِمْ أَوْ مِنْ عَدُوِّي.
«وَمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ» هُوَ الْقُرْآنُ وَالدِّينُ فَذُكِرَ بِطَرِيقِ الْمَوْصُولِيَّةِ لِيَشْمَلَ كُلَّ مَا أَتَاهُمْ بِهِ الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى وَجْهِ الْإِيجَازِ مَعَ مَا فِي الصِّلَةِ مِنَ الْإِيذَانِ بِتَشْنِيعِ كُفْرِهِمْ بِأَنَّهُ كُفْرٌ بِمَا لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَكْفُرَ بِهِ طُلَّابُ الْهُدَى فَإِنَّ الْحَقَّ مَحْبُوبٌ مَرْغُوبٌ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 28  صفحه : 134
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست