responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 28  صفحه : 104
وَالْإِشَارَةُ بِذَلِكَ إِلَى الْمَذْكُورِ مِنْ قَوْلِهِ: لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ وَاجْتِلَابُ اسْمِ الْإِشَارَةِ لِيَتَمَيَّزَ الْأَمْرُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ أَتَمَّ تَمْيِيزٍ لِغَرَابَتِهِ.
وَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ وَالْمَجْرُورُ خَبَرٌ عَنِ اسْمِ الْإِشَارَةِ، أَيْ سَبَبُ ذَلِكَ الْمَذْكُورِ وَهُوَ انْتِفَاءُ فَقَاهَتِهِمْ.
وَإِقْحَامُ لَفْظِ قَوْمٌ لِمَا يُؤْذِنُ بِهِ مِنْ أَنَّ عَدَمَ فِقْهِ أَنْفُسِهِمْ أَمْرٌ عُرِفُوا بِهِ جَمِيعًا وَصَارَ مِنْ مُقَوِّمَاتِ قَوْمِيَّتِهِمْ لَا يَخْلُو عَنْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ إِلَى قَوْلِهِ: لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [164] .
وَالْفِقْهُ: فَهْمُ الْمَعَانِيَ الْخَفِيَّةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى: فَمالِ هؤُلاءِ الْقَوْمِ لَا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً فِي سُورَةِ النِّسَاءِ [78] ، وَقَوْلِهِ: انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ [65] ، ذَلِكَ أَنَّهُمْ تَبِعُوا دَوَاعِيَ الْخَوْفِ الْمُشَاهَدِ وَذَهَلُوا عَنِ الْخَوْفِ الْمُغَيَّبِ عَنْ أَبْصَارِهِمْ، وَهُوَ خَوْفُ اللَّهِ فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ قِلَّةِ فَهْمِهِمْ لِلْخَفِيَّاتِ.
[14]

[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 14]
لَا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (14)
لَا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ.
هَذِهِ الْجُمْلَةُ بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ جُمْلَةِ لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ [الْحَشْر:
13] ، لِأَنَّ شِدَّةَ الرَّهْبَةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ تَشْتَمِلُ عَلَى شَدَّةِ التَّحَصُّنِ لِقِتَالِهِمْ إِيَّاهُمْ، أَيْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى قِتَالِكُمْ إِلَّا فِي هَاتِهِ الْأَحْوَالِ وَالضَّمِيرُ الْمَرْفُوعُ فِي يُقاتِلُونَكُمْ عَائِدٌ إِلَى الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ
[الْحَشْر: 11] .
وَقَوْلُهُ: جَمِيعاً يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى كُلَّهُمْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً [الْمَائِدَة: 48] فَيَكُونُ لِلشِّمُولِ، أَيْ كُلُّهُمْ لَا يُقَاتِلُونَكُمُ الْيَهُودُ وَالْمُنَافِقُونَ إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ إِلَخْ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى مُجْتَمَعِينَ، أَيْ لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جُيُوشًا كَشَأْنِ جُيُوشِ الْمُتَحَالِفِينَ فَإِنَّ ذَلِكَ قِتَالُ مَنْ لَا يَقْبَعُونَ فِي قُرَاهُمْ فَيَكُونُ النَّفْيُ مُنْصَبًّا إِلَى هَذَا

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 28  صفحه : 104
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست