responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 82
الْمُشْرِكِينَ. وَرَوَى الْجَصَّاصُ أَن النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَى أَسِيرَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِأَسِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فِي ثَقِيفٍ.
وَالْغَايَةُ الْمُسْتَفَادَةُ مِنْ حَتَّى فِي قَوْلِهِ: حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها لِلتَّعْلِيلِ لَا لِلتَّقْيِيدِ، أَيْ لِأَجْلِ أَنْ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا، أَيْ لِيَكُفَّ الْمُشْرِكُونَ عَنْهَا فَتَأْمَنُوا مِنَ الْحَرْبِ عَلَيْكُمْ وَلَيْسَتْ غَايَةً لِحُكْمِ الْقِتَالِ. وَالْمَعْنَى يَسْتَمِرُّ هَذَا الْحُكْمُ بِهَذَا لِيَهِنَ الْعَدُوُّ فَيَتْرُكُوا حَرْبَكُمْ، فَلَا مَفْهُومَ لِهَذِهِ الْغَايَةِ، فَالتَّعْلِيلُ مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ: فَضَرْبَ الرِّقابِ وَمَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ. وَالتَّقْدِيرُ: فَضَرْبَ الرِّقَابِ، أَيْ لَا تَتْرُكُوا الْقَتْلَ لِأَجْلِ أَنْ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا، فَيَكُونُ وَارِدًا مَوْرِدَ التَّعْلِيمِ وَالْمَوْعِظَةِ، أَيْ فَلَا تَشْتَغِلُوا عِنْدَ اللِّقَاءِ لَا بِقَتْلِ الَّذِينَ كَفَرُوا لِتَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا فَإِذَا غَلَبْتُمُوهُمْ فَاشْتَغِلُوا بِالْإِبْقَاءِ عَلَى مَنْ تَغْلِبُونَهُ بِالْأَسْرِ لِيَكُونَ الْمَنُّ بَعْدَ ذَلِكَ أَوِ الْفِدَاءُ.
وَالْأَوْزَارُ: الْأَثْقَالُ، وَوَضْعُ الْأَوْزَارِ تَمْثِيلٌ لِانْتِهَاءِ الْعَمَلِ فَشُبِّهَتْ حَالَةُ انْتِهَاءِ الْقِتَالِ بِحَالَةِ وَضْعِ الْحَمَّالِ أَوِ الْمُسَافِرِ أَثْقَالَهُ، وَهَذَا مِنْ مُبْتَكَرَاتِ الْقُرْآنِ. وَأَخَذَ مِنْهُ عَبَدُ رَبِّهِ السُّلَمِيُّ، أَوْ سُلَيْمٌ الْحَنَفِيُّ قَوْلَهُ:
فَأَلْقَتْ عَصَاهَا وَاسْتَقَرَّ بِهَا النَّوَى ... كَمَا قَرَّ عَيْنًا بِالْإِيَابِ الْمُسَافِرُ
فَشَبَّهَ حَالَةَ الْمُنْتَهِي مِنْ كُلْفَةٍ بِحَالَةِ السَّائِرِ يُلْقِي عَصَاهُ الَّتِي اسْتَصْحَبَهَا فِي سَيْرِهِ.
ذلِكَ وَلَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ.
أُعِيدَ اسْمُ الْإِشَارَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ آنِفًا: ذلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْباطِلَ [مُحَمَّد: 3] لِلنُّكْتَةِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ هُنَالِكَ، وَهُوَ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَوْ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ. وَتَقْدِيرُ الْمَحْذُوفِ: الْأَمْرُ ذَلِكَ، وَالْمُشَارُ إِلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: فَضَرْبَ الرِّقابِ إِلَى هُنَا، وَيُفِيدُ اسْمُ الْإِشَارَةِ تَقْرِيرَ الْحُكْمِ وَرُسُوخِهِ فِي النُّفُوسِ.
وَالْجُمْلَةُ مِنِ اسْمِ الْإِشَارَةِ وَالْمَحْذُوفِ مُعْتَرِضَةٌ ولَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ الْمَرْفُوعِ الْمُقَدَّرِ فِي الْمَصْدَرِ مِنْ قَوْلِهِ: فَضَرْبَ الرِّقابِ،

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 82
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست