responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 80
وَالشَّدُّ: قُوَّةُ الرَّبْطِ، وَقُوَّةُ الْإِمْسَاكِ.
وَالْوَثَاقُ بِفَتْحِ الْوَاوِ: الشَّيْءُ الَّذِي يَوْثَقُ بِهِ، وَيَجُوزُ فِيهِ كَسْرُ الْوَاوِ وَلَمْ يُقْرَأْ بِهِ. وَهُوَ هُنَا كِنَايَةٌ عَنِ الْأَسْرِ لِأَنَّ الْأَسْرَ يَسْتَلْزِمُ الْوَضْعَ فِي الْقَيْدِ يُشَدُّ بِهِ الْأَسِيرُ. وَالْمَعْنَى:
فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنْ أَثْخَنْتُمْ مِنْهُمْ فَأْسِرُوا مِنْهُمْ.
وَتَعْرِيفُ الرِّقابِ والْوَثاقَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ
عِوَضًا عَنِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ، أَيْ فَضَرْبَ رِقَابَهُمْ وَشُدُّوا وَثَاقَهُمْ.
وَالْمَنُّ: الْإِنْعَامُ: وَالْمُرَادُ بِهِ: إِطْلَاقُ الْأَسِيرِ وَاسْتِرْقَاقُهُ فَإِنَّ الِاسْتِرْقَاقَ منّ عَلَيْهِ إِذْ لَمْ يُقْتَلْ، وَالْفِدَاءُ: بِكَسْرِ الْفَاءِ مَمْدُودًا تَخْلِيصُ الْأَسِيرِ مِنَ الْأَسْرِ بِعِوَضٍ مِنْ مَالٍ أَوْ مُبَادَلَةٍ بِأَسْرَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي يَدَيِ الْعَدُوِّ. وَقَدَّمَ الْمَنَّ عَلَى الْفِدَاءِ تَرْجِيحًا لَهُ لِأَنَّهُ أَعْوَنُ عَلَى امْتِلَاكِ ضَمِيرِ الْمَمْنُونِ عَلَيْهِ ليستعمل بذلك بغضه.
وَانْتَصَبَ مَنًّا وفِداءً عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ بَدَلًا مِنْ عَامِلَيْهِمَا، وَالتَّقْدِيرُ: إِمَّا تَمُنُّونَ وَإِمَّا تَفْدُونَ.
وَقَوْلُهُ بَعْدُ أَيْ بَعْدَ الْإِثْخَانِ وَهَذَا تَقْيِيدٌ لِإِبَاحَةِ الْمَنِّ وَالْفِدَاءِ. وَذَلِكَ مَوْكُولٌ إِلَى نَظَرِ أَمِيرِ الْجَيْشِ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ مِنَ الْمَصْلَحَةِ فِي أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ كَمَا فعل النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ غَزْوَةِ هَوَازِنَ. وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْآيَةِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ النَّسْخِ، وَهَذَا رَأْيُ جُمْهُورِ أَيِمَّةِ الْفِقْهِ وَأَهْلِ النَّظَرِ. فَقَوْلُهُ: الَّذِينَ كَفَرُوا عَامٌّ فِي كُلِّ كَافِرٍ، أَيْ مُشْرِكٍ يَشْمَلُ الرِّجَالَ وَهُمُ الْمَعْرُوفُ حَرْبُهُمْ وَيَشْمَلُ مَنْ حَارَبَ مَعَهُمْ مِنَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالرُّهْبَانِ وَالْأَحْبَارِ. وَهَذِهِ الْآيَةُ لِتَحْدِيدِ أَحْوَالِ الْقِتَالِ وَمَا بَعْدَهُ، لَا لِبَيَانِ وَقْتِ الْقِتَالِ وَلَا لِبَيَانِ مَنْ هُمُ الْكَافِرُونَ، لِأَنَّ أَوْقَاتَ الْقِتَالِ مُبِيَّنَةٌ فِي سُورَةِ بَرَاءَةٌ. وَمَعْرِفَةُ الْكَافِرِينَ مَعْلُومَةٌ مِنَ اصْطِلَاحِ الْقُرْآنِ بِقَوْلِهِ: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ [التَّوْبَة: 5] .
ثُمَّ يَظْهَرُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ بَعْدَ آيَةِ مَا كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ [67] . وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حُكْمِ هَذِهِ الْآيَةِ فِي الْقَتْلِ وَالْمَنِّ وَالْفِدَاءِ وَالَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 80
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست