responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 359
وَفِي التَّوْرَاةِ: أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا أَمَامَ بَابِ خَيْمَتِهِ تَحْتَ شَجَرَةٍ وَأَنَّهُ أَنْزَلَ الضُّيُوفَ تَحْتَ
الشَّجَرَةِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَامٍ: إِنَّ الرَّوَغَانَ مَيْلٌ فِي الْمَشْيِ عَنِ الِاسْتِوَاءِ إِلَى الْجَانِبِ مَعَ إِخْفَاءِ إِرَادَتِهِ ذَلِكَ وَتَبِعَهُ عَلَى هَذَا التَّقْيِيدِ الرَّاغِبُ وَالزَّمَخْشَرِيُّ وَابْنُ عَطِيَّةَ فَانْتَزَعَ مِنْهُ الزَّمَخْشَرِيُّ أَنَّ إِخْفَاءَ إِبْرَاهِيمَ مَيْلَهُ إِلَى أَهْلِهِ مِنْ حُسْنِ الضِّيَافَةِ كَيْلَا يُوهِمَ الضَّيْفَ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُحْضِرَ لَهُمْ شَيْئًا فَلَعَلَّ الضَّيْفَ أَنْ يَكُفَّهُ عَنْ ذَلِكَ وَيَعْذُرَهُ وَهَذَا مَنْزَعٌ لَطِيفٌ.
وَكَانَ مَنْزِلُ إِبْرَاهِيمَ الَّذِي جَرَتْ عِنْدَهُ هَذِهِ الْقِصَّةُ بِمَوْضِعٍ يُسَمَّى (بُلُوطَاتِ مَمْرَا) مِنْ أَرْضِ جَبْرُونَ.
وَوُصِفَ الْعِجْلُ هُنَا بِ سَمِينٍ، وَوُصِفَ فِي سُورَةِ هُودٍ بِحَنِيذٍ، أَيْ مَشْوِيٍّ فَهُوَ عِجْلٌ سَمِينٌ شَوَاهُ وَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ، وَكَانَ الشِّوَا أَسْرَعَ طَبْخِ أَهْلِ الْبَادِيَةِ وَقَامَ امْرُؤُ الْقَيْسِ يَذْكُرُ الصَّيْدَ:
فَظَلَّ طُهَاةُ اللَّحْمِ مَا بَيْنَ مُنْضِجٍ ... صَفِيفَ شِوَاءٍ أَوْ قَدِيرٍ مُعَجَّلِ
فَقَيَّدَ (قَدِيرٍ) بِ (مُعَجَّلِ) وَلَمْ يُقَيِّدْ (صَفِيفَ شِوَاءٍ) لِأَنَّهُ مَعْلُوم.
وَمعنى فَقَرَّبَهُ وَضَعَهُ قَرِيبًا مِنْهُمْ، أَيْ لَمْ يَنْقُلْهُمْ مِنْ مَجْلِسِهِمْ إِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ بَلْ جَعَلَ الطَّعَامَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ. وَهَذَا مِنْ تَمَامِ الْإِكْرَامِ لِلضَّيْفِ بِخِلَافِ مَا يَطْعَمُهُ الْعَافِي وَالسَّائِلُ فَإِنَّهُ يُدْعَى إِلَى مَكَانِ الطَّعَامِ كَمَا قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
فَقُلْتُ إِلَى الطَّعَامِ فَقَالَ مِنْهُمْ ... فَرِيقٌ يَحْسُدُ الْأُنْسُ الطَّعَامَا
وَمَجِيءُ الْفَاءِ لِعَطْفِ أَفْعَالِ فَراغَ فَجاءَ فَقَرَّبَهُ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَفْعَالَ وَقَعَتْ فِي سُرْعَةٍ، وَالْإِسْرَاعُ بِالْقِرَى مِنْ تَمَامِ الْكَرَمِ، وَقَدْ قِيلَ: خَيْرُ الْبِرِّ عَاجِلُهُ.
وَجُمْلَةُ قالَ أَلا تَأْكُلُونَ بَدَلُ اشْتِمَالٍ من جملَة فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ.
وأَ لَا كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ حِرَفُ عَرْضٍ، أَيْ رَغْبَةٍ فِي حُصُولِ الْفِعْلِ الَّذِي تَدْخُلُ عَلَيْهِ. وَهِيَ هُنَا مُتَعَيِّنَةٌ لِلْعَرَضِ لِوُقُوعِ فِعْلِ الْقَوْلِ بَدَلًا من فعل فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ،

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 359
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست