responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 35
الْمُرَادَ بِالْإِنْسَانِ مِنْ قَوْلِهِ: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ [الْأَحْقَاف: 15] غَيْرُ مُعَيَّنٍ بَلِ الْمُرَادُ الْجِنْسُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي الِاسْتِغْرَاقِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ. وَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا لِأَنَّ مَا قَبْلَهَا مِنَ الْوَصْفِ وَالْحَثِّ يُحْدِثُ تَرَقُّبَ السَّامِعِ لِمَعْرِفَةِ فَائِدَةِ ذَلِكَ فَكَانَ قَوْلُهُ: أُولئِكَ الَّذِينَ يتَقَبَّل عَنْهُمْ إِلَى آخِرِهِ جَوَابًا لِتَرْقِيَةٍ.
وَعُمُومُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا يُكْسِبُ الْجُمْلَةَ فَائِدَةَ التَّذْيِيلِ، أَيِ الْإِحْسَانُ بِالْوَالِدَيْنِ وَالدُّعَاءُ لَهُمَا وَلِلذُّرِّيَّةِ مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ فَهُوَ مِنْ أَحْسَنِ مَا عَمِلُوا. وَقَدْ تُقَبِّلَ مِنْهُمْ كُلُّ مَا هُوَ أَحْسَنُ مَا عَمِلُوا. وَالتَّقَبُّلُ: تَرَتُّبُ آثَارِ الْعَمَلِ مِنْ ثَوَابٍ عَلَى الْعَمَل واستجابة للدُّعَاء.
وَفِي هَذَا إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ هَذَا الدُّعَاءَ مَرْجُوُّ الْإِجَابَةِ لِأَنَّ اللَّهَ تَوَلَّى تَلْقِينَهُ مِثْلُ الدُّعَاءِ الَّذِي فِي سُورَةِ الْفَاتِحَةِ وَدُعَاءِ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ.
وَعُدِّيَ فِعْلُ يُتَقَبَّلُ بِحَرْفِ (عَنْ) ، وَحَقُّهُ أَنْ يُعَدَّى بِحَرْفِ (مِنْ) تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْمَدْعُوِّ لَهُمْ وَهُمُ الْوَالِدَانِ وَالذُّرِّيَّةُ، لِأَنَّ دُعَاءَ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ لِأُولَئِكَ بِمَنْزِلَةِ النِّيَابَةِ عَنْهُمْ فِي عِبَادَةِ الدُّعَاءِ وَإِذَا كَانَ الْعَمَلُ بِالنِّيَابَةِ مُتَقَبَّلًا عُلِمَ أَنَّ عَمَلَ الْمَرْءِ لِنَفْسِهِ مُتَقَبَّلٌ أَيْضًا فَفِي الْكَلَامِ اخْتِصَارٌ كَأَنَّهُ قِيلَ: أُولَئِكَ يُتَقَبَّلُ مِنْهُمْ وَيُتَقَبَّلُ عَنْ وَالِدَيْهِمْ وَذُرِّيَّتِهِمْ أَحْسَنُ مَا عَمِلُوا.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ يُتَقَبَّلُ ويتجاوز بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ مَضْمُومَةً مَبْنِيَّيْنِ لِلنَّائِبِ وَأحسن مَرْفُوعٌ عَلَى النِّيَابَةِ عَنِ الْفَاعِلِ وَلَمْ يُذْكَرِ الْفَاعِلُ لِظُهُورِ أَنَّ الْمُتَقَبِّلَ هُوَ اللَّهُ وَقَرَأَهُمَا حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ وَخَلَفٌ بِنُونَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ وَنَصْبِ أَحْسَنَ.
وَقَوْلُهُ: فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنِ اسْمِ الْإِشَارَةِ، أَيْ كَائِنِينَ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ حِينَ يُتَقَبَّلُ أَحْسَنُ مَا عَمِلُوا وَيُتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ لِأَنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ مُتَقَبَّلٌ
أَحْسَنُ أَعْمَالِهِمْ وَيُتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ، وَذُكِرَ هَذَا لِلتَّنْوِيهِ بِهِمْ بِأَنَّهُمْ مِنَ الْفَرِيقِ الْمُشَرَّفِينَ كَمَا يُقَالُ: أَكْرَمُهُ فِي أَهْلِ الْعِلْمِ.
وَانْتَصَبَ وَعْدَ الصِّدْقِ عَلَى الْحَالِ مِنَ التَّقَبُّلِ وَالتَّجَاوُزِ الْمَفْهُومِ مِنْ مَعَانِي يُتَقَبَّلُ وَيُتَجَاوَزُ، فَجَاءَ الْحَالُ مِنَ الْمَصْدَرِ الْمَفْهُومِ مِنَ الْفِعْلِ كَمَا أُعِيدَ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 35
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست