responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 323
خَرَقُوا، وَاسْتُعِيرَ لِمَعْنَى: ذَلَّلُوا وَأَخْضَعُوا، أَيْ تَصَرَّفُوا فِي الْأَرْضِ بِالْحَفْرِ
الْغَرْس وَالْبناء وَتَحْت الْجِبَالِ وَإِقَامَةِ السِّدَادِ وَالْحُصُونِ فَيَكُونُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: وَأَثارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوها فِي سُورَةِ الرُّومِ [9] .
وَتَعْرِيفُ الْبِلادِ لِلْجِنْسِ، أَيْ فِي الْأَرْضِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ [الْفجْر: 11] .
وَالْفَاءُ فِي فَنَقَّبُوا لتفريع عَنْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً، أَيْ ببطشهم وقوتهم لقبوا فِي الْبِلَادِ.
وَالْجُمْلَةُ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ جُمْلَةِ وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ إِلَى آخِرِهِ.
وَجُمْلَةِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ كَمَا اعْتَرَضَ بِالتَّفْرِيعِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ذلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكافِرِينَ عَذابَ النَّارِ [الْأَنْفَال: 14] .
وَجُمْلَةُ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ جُمْلَةِ أَهْلَكْنا، أَيْ إِهْلَاكًا لَا مَنْجًى مِنْهُ. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةً. فَالِاسْتِفْهَامُ إِنْكَارِيٌّ بِمَعْنَى النَّفْيِ، وَلِذَلِكَ دَخَلَتْ مِنْ عَلَى الِاسْمِ الَّذِي بَعْدَ الِاسْتِفْهَامِ كَمَا يُقَالُ: مَا مِنْ مَحِيصٍ، وَهَذَا قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِهِ فِي سُورَةِ ص [3] كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ.
وَالْمَحِيصُ: مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ مِنْ حَاصَ إِذَا عَدَلَ وَجَادَ، أَيْ لَمْ يَجِدُوا مَحِيصًا مِنَ الْإِهْلَاكِ وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ فِي سُورَةِ مَرْيَمَ [98] .
وَقَوْلُهُ: إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ إِلَى آخِرِهَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْإِشَارَةُ بِذَلِكَ إِلَى إِهْلَاكِ الْقُرُونِ الْأَشَدِّ بَطْشًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إِلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنِ اسْتِدْلَالٍ وَتَهْدِيدٍ وَتَحْذِيرٍ مِنْ يَوْمِ الْجَزَاءِ.
وَالذِّكْرَى: التَّذْكِرَةُ الْعَقْلِيَّةُ، أَيِ التَّفَكُّرُ فِي تَدَبُّرِ الْأَحْوَالِ الَّتِي قَضَتْ عَلَيْهِمْ بِالْإِهْلَاكِ لِيَقِيسُوا عَلَيْهَا أَحْوَالَهُمْ فَيَعْلَمُوا أَنْ سَيَنَالَهُمْ مَا نَالَ أُولَئِكَ، وَهَذَا قِيَاسٌ عَقْلِيٌّ يُدْرِكُهُ اللَّبِيبُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ دُونَ احْتِيَاجٍ إِلَى مُنَبِّهٍ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 323
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست