responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 320
وَالْخَشْيَةُ: الْخَوْفُ. وَأُطْلِقَتِ الْخَشْيَةُ عَلَى أَثَرِهَا وَهُوَ الطَّاعَةُ.
وَالْبَاءُ فِي بِالْغَيْبِ بِمَعْنَى (فِي) الظَّرْفِيَّةِ لِتَنْزِيلِ الْحَالِ مَنْزِلَةَ الْمَكَانِ، أَيِ الْحَالَةُ الْغَائِبَةُ وَهِيَ حَالَةُ عَدَمِ اطِّلَاعِ أَحَدٍ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْخَشْيَةَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ تَدُلُّ عَلَى صِدْقِ الطَّاعَةِ لِلَّهِ بِحَيْثُ لَا يَرْجُو ثَنَاءَ أَحَدٍ وَلَا عِقَابَ أَحَدٍ فَيَتَعَلَّقُ الْمَجْرُورُ بِالتَّاءِ بِفِعْلِ خَشِيَ.
وَلَكَ أَنْ تُبْقِيَ الْبَاءَ عَلَى بَعْضِ مَعَانِيهَا الْغَالِبَةِ وَهِيَ الْمُلَابَسَةُ وَنَحْوُهَا وَيَكُونُ الْغَيْبُ مَصْدَرًا وَالْمَجْرُورُ حَالًا مِنْ ضَمِيرِ خَشِيَ.
وَمَعْنَى وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ أَنَّهُ حَضَرَ يَوْمَ الْحَشْرِ مُصَاحِبًا قَلْبَهُ الْمُنِيبَ إِلَى اللَّهِ، أَيْ مَاتَ مَوْصُوفًا بِالْإِنَابَةِ وَلَمْ يُبْطِلْ عَمَلَهُ الصَّالِحَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ حِكَايَةً عَنْ إِبْرَاهِيمَ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [الشُّعَرَاء: 88، 89] .
وَإِيثَارُ اسْمِهِ الرَّحْمنَ فِي قَوْلِهِ: مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ دُونَ اسْمِ الْجَلَالَةِ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ هَذَا الْمُتَّقِيَ يَخْشَى اللَّهَ وَهُوَ يعلم أَنه رحمان، وَلِقَصْدِ التَّعْرِيضِ بِالْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ
أَنْكَرُوا اسْمه الرحمان وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ [الْفرْقَان: 60] .
وَالْمَعْنَى عَلَى الَّذِينَ خَشُوا: خَشِيَ صَاحِبُ هَذَا الِاسْمِ، فَأَنْتُمْ لَا حَظَّ لَكُمْ فِي الْجَنَّةِ لِأَنَّكُمْ تُنْكِرُونَ أَن الله رحمان بَلْهَ أَنْ تَخْشَوْهُ.
وَوَصْفُ قَلْبٍ بِ مُنِيبٍ عَلَى طَرِيقَةِ الْمَجَازِ الْعَقْلِيِّ لِأَنَّ الْقَلْبَ سَبَبُ الْإِنَابَةِ لِأَنَّهُ الْبَاعِثُ عَلَيْهَا.
وَجُمْلَةُ ادْخُلُوها بِسَلامٍ مِنْ تَمَامِ مَقُولِ الْقَوْلِ الْمَحْذُوفِ. وَهَذَا الْإِذْنُ مِنْ كَمَالِ إِكْرَامِ الضَّيْفِ أَنَّهُ إِنْ دُعِيَ إِلَى الْوَلِيمَةِ أَوْ جِيءَ بِهِ فَإِنَّهُ إِذَا بَلَغَ الْمَنْزِلَ قِيلَ لَهُ: ادْخُلْ بِسَلَامٍ.
وَالْبَاءُ فِي بِسَلامٍ لِلْمُلَابَسَةِ. وَالسَّلَامُ: السَّلَامَةُ مِنْ كُلِّ أَذًى مِنْ تَعَبٍ أَوْ نَصَبٍ، وَهُوَ دُعَاءٌ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 320
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست