responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 315
وَالِاخْتِصَامُ: الْمُخَاصَمَةُ وَهُوَ مَصْدَرٌ بِصِيغَةِ الِافْتِعَالِ الَّتِي الْأَصْلُ فِيهَا أَنَّهَا لِمُطَاوَعَةِ بَعْضِ الْأَفْعَالِ فَاسْتُعْمِلَتْ لِلتَّفَاعُلِ مَثَلَ: اجْتَوَرُوا وَاعْتَوَرُوا وَاخْتَصَمُوا.
وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُخَاصَمَةِ بَيْنَهُمْ يَقْتَضِي أَنَّ النُّفُوسَ الْكَافِرَةَ ادَّعَتْ أَنَّ قُرَنَاءَهَا أَطْغَوْهَا، وَأَنَّ الْقُرَنَاءَ تَنَصَّلُوا مِنْ ذَلِكَ وَأَنَّ النُّفُوسَ أَعَادَتْ رَمْيَ قُرَنَائِهَا بِذَلِكَ فَصَارَ خِصَامًا فَلِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَطُوِيَ ذِكْرُهُ لِدَلَالَةِ لَا تَخْتَصِمُوا عَلَيْهِ إِيثَارًا لِحَقِّ الْإِيجَازِ فِي الْكَلَامِ. وَالنَّهْيُ عَنِ الِاخْتِصَامِ بَعْدَ وُقُوعِهِ بِتَأْوِيلِ النَّهْيِ عَنِ الدَّوَامِ عَلَيْهِ، أَيْ كَفُّوا عَنِ الْخِصَامِ.
وَمَعْنَى النَّهْيُ أَنَّ الْخِصَامَ فِي ذَلِكَ لَا جَدْوَى لَهُ لِأَنَّ اسْتِوَاءَ الْفَرِيقَيْنِ فِي الْكُفْرِ كَافٍ فِي مُؤَاخَذَةِ كِلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ قالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلكِنْ لَا تَعْلَمُونَ [الْأَعْرَاف: 38] ، وَذَلِكَ كِنَايَةٌ عَنْ أَنَّ حُكْمَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ قَدْ تَقَرَّرَ فَلَا يُفِيدُهُمُ التَّخَاصُمُ لِإِلْقَاءِ التَّبِعَةِ عَلَى أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ.
وَوَجْهُ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْعَذَابِ أَنَّ الدَّاعِيَ إِلَى إِضْلَالِهِ قَائِمٌ بِمَا اشْتَهَتْهُ نَفْسُهُ مِنْ تَرْوِيجِ الْبَاطِلِ دُونَ نَظَرٍ فِي الدَّلَائِلِ الْوِزَاعَةِ عَنْهُ وَأَنَّ مُتَلَقِّيَ الْبَاطِلِ مِمَّنْ دَعَاهُ إِلَيْهِ قَائِمٌ بِمَا اشْتَهَتْهُ نَفْسُهُ من الطَّاعَة لأيمة الضَّلَالِ فَاسْتَوَيَا فِي الدَّاعِي وَتَرَتُّبِ أَثَرِهِ.
وَالْوَاوُ فِي وَقَدْ قَدَّمْتُ وَاوُ الْحَالِ. وَالْجُمْلَةُ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ تَخْتَصِمُوا وَهِيَ حَالٌ مُعَلِّلَةٌ لِلنَّهْيِ عَنِ الِاخْتِصَامِ.
وَالْمَعْنَى: لَا تَطْمَعُوا فِي أَنَّ تَدَافُعَكُمْ فِي إِلْقَاءِ التَّبِعَةِ يُنْجِيكُمْ مِنَ الْعِقَابِ بَعْدَ حَالِ إِنْذَارِكُمْ بِالْوَعِيدِ مِنْ وَقْتِ حَيَاتِكُمْ فَمَا اكْتَرَثْتُمْ بِالْوَعِيدِ فَلَا تَلُومُوا إِلَّا أَنْفُسَكُمْ لِأَنَّ مَنْ أَنْذَرَ
فَقَدْ أَعْذَرَ.
فَقَوْلُهُ: وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ كِنَايَةٌ عَنْ عَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِالْخِصَامِ كَوْنَ الْعِقَابِ عَدْلًا مِنَ اللَّهِ. وَالْبَاءُ فِي بِالْوَعِيدِ مَزِيدَةٌ لِلتَّأْكِيدِ كَقَوْلِه: وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ [الْمَائِدَة:
6] . وَالْمَعْنَى: وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمُ الْوَعِيدَ قَبْلَ الْيَوْمِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 315
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست